هل ترك مواجهة الناس بما يكرهون من النفاق؟

0 12

السؤال

هل عدم جرح الناس بحقيقتهم، يعد نفاقا؟ فأنا لا أستطيع أن أقول لأحد: لا؛ حتى لو كان ذلك يضرني، وأحيانا لا أريد ذلك، وأشعر بمشقة وتعب، لكني لا أستطيع أن أحرج أحدا، فهل هذا نفاق؟ وأحيانا وأنا أكلم الناس، أكلمهم من قلبي، وبعد ذلك أكون رافضة للكلام، وأنا خائفة من أن أكون منافقة، خصوصا أني في هذه الفترة بعيدة عن الطاعة؛ حتى صلاة الفجر لا أصليها، وأسمع الأذان، ولا أستطيع أن أصلي، فهل هذا عقاب من ربنا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فترك مواجهة الناس بما يكرهون؛ ليس من النفاق، ولكنه من المجاملة، والمداراة، التي قد تحمد، إذا ترتبت عليها مصلحة، أو اجتناب مفسدة، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة، أو ابن العشيرة. فلما دخل، ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله، قلت الذي قلت، ثم ألنت له الكلام! قال: أي عائشة، إن شر الناس من تركه الناس، أو ودعه الناس اتقاء فحشه. متفق عليه.

وقال الغزالي -رحمه الله- في الإحياء: بل المجاملة -تكلفا كانت أو طبعا-، تكسر سورة العداوة من الجانبين، وتقلل مرغوبها، وتعود القلوب التآلف، والتحاب؛ وبذلك تستريح القلوب من ألم الحسد، وغم التباغض. انتهى. وراجعي الفتوى: 75660.

والحياء خلق كريم من أخلاق المؤمنين، لكن إذا ترتب عليه مخالفة للشرع؛ فهو مذموم، قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: قد تقدم أن الحياء من الإيمان، وهو الشرعي، الذي يقع على وجه الإجلال، والاحترام للأكابر، وهو محمود.

وأما ما يقع سببا لترك أمر شرعي؛ فهو مذموم، وليس هو بحياء شرعي، وإنما هو ضعف، ومهانة. انتهى.

وأما قولك: إنك تبعدين عن الطاعة، وتفوتين صلاة الفجر؛ فهذا يستحق منك وقفة جادة مع نفسك، ومبادرة باليقظة من الغفلة، ومسارعة بالتوبة من المعصية، ولا سيما فيما يتعلق بالصلاة المفروضة؛ فإن إقامتها، والمحافظة عليها مفتاح كل خير، والتهاون فيها وإخراجها عن وقتها دون عذر؛ معصية كبيرة، وذريعة خذلان.

ولمعرفة بعض الأمور المعينة على المحافظة على الصلاة، راجعي الفتوى: 355090.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة