السؤال
زوجي يقيم علاقة غير شرعية مع امرأة متزوجة، وقد أقر بذلك على نفسه، ثم وعدني بالتوبة، ولكنه بقي على علاقته معها مدة سنة إضافية، حتى طلقت من زوجها. وأنا لدي أدلة على هذه العلاقة، ولكني صبرت، ولم أحدث أحدا بذلك؛ لعله يرجع ويتوب، لكنه آخر شهر حاول إتياني من غير ما شرع الله له، ولأكثر من مرة، وكنت أمنعه بقوة، وأذكره بحرمانية هذا الأمر، لكنه لم يظهر أي ندم على هذا الفعل الشنيع، وأعاد المحاولة، فذهبت لأهلي خشية على نفسي، فقد كان يهددني بأني إن لم أحذف ما لدي من أدلة، سوف يجعلني أندم، ويحرمني من أولادي.
اشتكيته لكبير من عائلته، فجعله يطلقني برسالة على واتساب.
وحاليا زوجي يرفض إعطائي حقوقي، أو الصرف على الأولاد، بحجة أني تركت المنزل، وليس لي حق عنده. فما رأي الشرع في هذه الحالة؟
وهو قد استدان مني ذهبا، إضافة لمهري. فهل هما من حقي؟ وهل خروجي من منزله فيه إثم علي؟ وقد كان بهدف حفاظي على ديني ونفسي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك قد أقام علاقة غير شرعية مع امرأة أجنبية عنه؛ فإنه آثم بذلك؛ فقد حرم الإسلام اتخاذ الخليلات، وقد كان من عادات الجاهلية، فأبطله الإسلام، قال تعالى: محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان {المائدة:5}.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 30003، والفتوى: 4220.
فالواجب عليه المبادرة للتوبة النصوح، وقد أوضحنا شروطها في الفتوى: 5450.
وإن صح ما ذكرت من كونه يحاول إتيانك في غير موضع الحرث؛ فهذا منكر آخر يأثم به؛ لأن هذا الفعل محرم، ومخالف لما أباحه الشرع، كما بيناه في الفتوى: 30289.
والأصل عدم جواز خروج المرأة من بيتها إلا لعذر شرعي، وسبق بيان بعض الأعذار التي ذكرها الفقهاء في الفتوى: 73341.
ومجرد كون زوجك يحاول إتيانك في غير موضوع الحرث؛ لا يسوغ لك الخروج بغير إذنه، ولكن إن لم يكن من سبيل للحفاظ على دينك ونفسك من زوجك إلا بالخروج من البيت، وخشيت من إكراهك على ذلك الفعل المحرم؛ فلا حرج عليك في الخروج، ولا تعتبرين بذلك ناشزا.
جاء في نهاية المحتاج في الفقه الشافعي عند الكلام عن مسوغات خروج الزوجة بغير إذن زوجها: أو يخرجها معير المنزل، أو متعد ظلما، أو يهددها بضرب، فتمتنع، فتخرج خوفا منه إن تعين طريقا. فخروجها حينئذ ليس بنشوز لعذرها. اهـ. وتراجع الفتوى: 10455.
وللزوجة على الزوج بقية الحقوق من المهر، ونحوه، فلا تسقط بنشوزها.
ونفقة الأولاد واجبة على الأب ما كانوا صغارا لا مال لهم، فلا تسقط عنه بحال، ولا تأثير للنشوز على أمر نفقتهم. وراجعي الفتوى: 121961.
ومما ننصح به السعي في الإصلاح، وتدخل العقلاء، وإن تعذر، فينبغي رفع الأمر للقضاء الشرعي؛ فالفصل في قضايا المنازعات محله المحاكم الشرعية، أومن ينوب منابها؛ وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى، والبينات، والدفوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي؛ فإنه لا يسمع إلا من طرف واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تتيحه طريقة الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا، وما نذكره هنا إنما هو على سبيل العموم، والإرشاد، والتوجيه.
والله أعلم.