السؤال
أعلم هذا الحديث: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارق، ورتل، كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها". ولقد كانت أمي مريضة بالسرطان، وكانت عازمة أشد العزم على أن تحفظه، وتجتهد كثيرا قبل أن تموت. وكانت في اليوم الذي تصبح فيه قادرة تحفظ صفحة من القرآن، ولكن إذا كان حالها صعبا، والألم غير محتمل، ولا تستطيع القيام بشيء، كانت تأخذ هذا اليوم إجازة. حتى وفقها الله أن تتم حفظ ثلث القرآن في عشرة أشهر، حتى ماتت. فهل يجوز الدعاء بأن تبلغ أمي أعلى درجات الجنة على الرغم من أنها لم تتم حفظ القرآن؟ أم أن هذا اعتداء في الدعاء؛ لكونها لم تعمل العمل الذي يحصل به هذا الجزاء؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدتك، وأن يرفع درجتها في الجنة؛ إنه سميع مجيب.
واعلم أن حرص أمك آخر عمرها على حفظ كتاب الله -تعالى- مع ما هي فيه من شدة المرض؛ دليل على حسن خاتمتها، وأنها على خير، وما دامت كانت عازمة على حفظ القرآن كاملا ـ كما هو الظاهرـ ثم منعها المرض، أو الموت من ذلك، فإنها تحصل على ثواب من حفظ القرآن كله. وراجع المزيد في الفتوى: 300484.
كما أن المرض سبب لتكفير السيئات، ورفع الدرجات، كما تقدم في الفتوى: 368548.
ويجوز لك الدعاء لأمك بأن تكون في أعلى درجات الجنة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: فإذا سألتم الله، فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة .. إلى آخر الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه.
قال ابن الملقن في كتابه: التوضيح لشرح الجامع الصحيح: قوله: "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى" خطاب لجميع أمته، يدخل فيه المجاهد وغيره؛ فدل ذلك على أنه قد يعطي الله لمن لم يجاهد قريبا من درجة المجاهد؛ لأن الفردوس إذا كان أعلى الجنة، ولا درجة فوقه، وقد أمر الشارع جميع أمته بطلبه من الله دل أن من بوأه الله إياه، وإن لم يجاهد، فقد تقاربت درجته من درجات المجاهدين في العلو، وإن اختلفت الدرجات في الكثرة، والله يؤتي فضله من يشاء. اهـ.
والله أعلم.