ضابط الغيرة المحمودة

0 30

السؤال

كنت في الماضي شديد الغيرة جدا، ويغلي دمي لمجرد أن يتكلم أحد كلاما عاديا عن أختي -مثل أن يقول أستاذ: أختك حصلت على درجات عالية، أو سلمت يدا من حضرت الطعام-؛ وعليه، ومثل هذا لن يرى الجلد حدا كافيا للزنى، لكني بعد أن علمت أن الزنى حده الجلد، دل ذلك على أن غيرتي زائدة عن المطلوب؛ لأنها تؤدي للتنطع، والمبالغة أكثر من حدود الله، وأريد أن أضبطها؛ حتى لا أنتقل من الغيرة المذمومة للدياثة، فما المقدار المحمود منها؟ وما المواقف التي تستدعى الغضب؟ وهل مجرد إرسال شخص رسالة لأختي في الدراسة، وماذا لو لم ترد عليه؛ يتطلب الغضب؟ ولو أرسل لها رسالة تودد أو تغزل، لكنها لم ترد عليه؟ ولو قال لها أحد عشوائي في غير بلدنا كلمة عابرة في الشارع، ولم ترد عليه أيضا؟ ولو أحبها أحد، ولم يكلمها، ولو قال أحد: إنها جميلة؟ وهل التساهل، وعدم الغيرة في بعض المواضع ظنا أن الدين لا يأمر بالغيرة فيها، ثم تبين عكس ذلك، هل يكون ذلك من الدياثة؟ عذرا على الإطالة. لكن أردت أن تتضح الصورة عندي. وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالغيرة خلق محمود، إذا لم يجاوز حد الاعتدال.

أما إذا جاوز حد الاعتدال؛ فهو مذموم؛ ففي سنن أبي داود عن جابر بن عتيك، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله: فأما التي يحبها الله عز وجل، فالغيرة في الريبة، وأما التي يبغضها، فالغيرة في غير ريبة..
جاء في عون المعبود: نحو أن يغتار الرجل على محارمه، إذا رأى منهم فعلا محرما. انتهى.

وفي حاشية السندي على سنن ابن ماجه: قوله: (فالغيرة في الريبة) أي: في مظنة الفساد، أي: إذا ظهرت أمارات الفساد في محل؛ فالقيام بمقتضى الغيرة محمود.

وأما إذا قام بدون ظهور شيء؛ فالقيام به مذموم؛ لما فيه من اتهام المسلمين بالسوء من غير وجه. انتهى.

وفي غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: والمحمود من الغيرة: صون المرأة عن اختلاطها بالرجال. انتهى.

وعليه؛ فالغيرة المطلوبة تحمل على المنع من مواطن الريبة، وسد أبواب الفتنة والفساد.

وأما الدياثة -والعياذ بالله- فهي عدم الغيرة على الأهل، والمحارم، والديوث هو الذي يقر الفاحشة في أهله. وانظر الفتوى: 49407.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة