السؤال
حضرت مجلسا جلست فيه خالتي مع أخريات، وكان في حديثهن غيبة، وكنت جالسة مع أخواتي في نفس المجلس، ولست قريبة منهن، بل كنت أتحدث مع أخواتي، فهل أنا آثمة عندما جلست في ذلك المجلس، أم أعتبر غير مشاركة لهن في الحديث والاستماع؟
حضرت مجلسا جلست فيه خالتي مع أخريات، وكان في حديثهن غيبة، وكنت جالسة مع أخواتي في نفس المجلس، ولست قريبة منهن، بل كنت أتحدث مع أخواتي، فهل أنا آثمة عندما جلست في ذلك المجلس، أم أعتبر غير مشاركة لهن في الحديث والاستماع؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك.
وما دمت تسمعين من يقع في الغيبة المحرمة؛ فإنه يجب عليك إسكات المتكلم بالغيبة -ولو بصرف حديثه عن الغيبة إلى حديث آخر-، وإن لم ينته المتكلم عن الغيبة؛ فإنه يجب عليك مفارقة المجلس، ولا يجوز البقاء فيه إلا لحاجة، أو ضرورة.
وإن لم تفعلي هذا؛ فإنك معرضة لإثم إقرار الغيبة، وقد فصل الإمام النووي في كتاب الأذكار ما يجب على من سمع إنسانا يغتاب الناس، فقال: اعلم أن الغيبة كما يحرم على المغتاب ذكرها، يحرم على السامع استماعها، وإقرارها.
فيجب على من سمع إنسانا يبتدئ بغيبة محرمة، أن ينهاه، إن لم يخف ضررا ظاهرا. فإن خافه؛ وجب عليه الإنكار بقلبه، ومفارقة ذلك المجلس، إن تمكن من مفارقته. فإن قدر على الإنكار بلسانه، أو على قطع الغيبة بكلام آخر؛ لزمه ذلك. فإن لم يفعل؛ عصى. ومتى اضطر إلى المقام في ذلك المجلس الذي فيه الغيبة، وعجز عن الإنكار، أو أنكر فلم يقبل منه، ولم يمكنه المفارقة بطريق؛ حرم عليه الاستماع والإصغاء للغيبة، بل طريقه أن يذكر الله تعالى بلسانه وقلبه، أو بقلبه، أو يفكر في أمر آخر ليشتغل عن استماعها.
فإن تمكن بعد ذلك من المفارقة وهم مستمرون في الغيبة ونحوها؛ وجب عليه المفارقة، قال الله تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} [الأنعام:68]. اهـ.
والله أعلم.