الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم اتفقوا على أنه يجب على المرأة ستر جميع بدنها بما في ذلك شعر رأسها، وإنما وقع الخلاف بينهم في وجوب ستر الوجه والكفين. وقد نقل اتفاقهم على ذلك غير واحد من الأئمة.
قال ابن حزم في مراتب الإجماع: واتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حشا وجهها ويدها عورة، واختلفوا في الوجه واليدين حتى أظفارهما أعورة هي أم لا؟ انتهى.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار: الذي عليه فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق: أن على المرأة الحرة أن تغطي جسمها كله بدرع صفيق سابغ، وتخمر رأسها؛ فإنها كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وأن عليها ستر ما عدا وجهها وكفيها. اهـ.
ولمزيد من الفائدة، راجع الفتاوى: 204907 // 116942 // 306865.
وبذلك تعلم دليل اتفاق العلماء على وجوب ستر شعر المرأة، بغض النظر عن تسمية ما تستره به أو صفته، فالمهم أن تستره عن نظر الأجانب، ولمعرفة مواصفات اللباس الشرعي للمرأة، راجع الفتوى: 6745.
فبين ذلك لزوجتك، لعلها كانت جاهلة به، فإن أصرت بعد ذلك فهي عاصية لله -تعالى- معرضة عن هدى الله، متبعة لهواها.
وأما السؤال الثاني، فجوابه أنه إن كانت زوجتك لا تستر ما أمرها الله بستره، فمن مقتضى القوامة التي جعل الله لك عليها أن تمنعها من الخروج من البيت إن لم تلتزم بالحجاب الشرعي، ومنه تغطية الشعر، بل لا يجوز لك السماح لها بالخروج، قال الله سبحانه: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم.... {النساء:34}.
قال شيخ المفسرين أبو جعفر الطبري في تفسيره: الرجال قوامون على النساء"، الرجال أهل قيام على نسائهم، في تأديبهن والأخذ على أيديهن فيما يجب عليهن لله، ولأنفسهم. انتهى.
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون {التحريم:6}.
قال ابن الجوزي في زاد المسير: قوله عز وجل: قوا أنفسكم وأهليكم نارا.
وقاية النفس: بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، ووقاية الأهل: بأن يؤمروا بالطاعة، وينهوا عن المعصية. انتهى.
وننبه هنا إلى أهمية التربية على الإيمان من خلال عقد حلقات العلم، وتلاوة القرآن في البيت مع الأهل والأولاد.
فهذا الأسلوب له أثره الطيب في حمل النفوس على الاستجابة لأوامر الله ورسوله، فالإيمان إذا حل في القلب سهل الانقياد.
روى البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إنما نزل أول ما نزل منه -تعني القرآن- سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدا.
والله أعلم.