السؤال
رجل يعمل في مجال أمن الطرق، ومهمته إيقاف السيارات بشكل عشوائي، فإن وجدها كاملة الأوراق تركها، وإلا احتجزها حتى يحل صاحبها مشكلته، لكنه أحيانا يتجاوز عن بعضهم بسبب ضعفهم، أو ظروفهم، فرأى البعض أن هذا الفعل حسن، والله يقول: "وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم. ويقول: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم"، وفي الحديث: إذا رأى إعسار المعسر، قال لفتاه: تجاوز لعل الله يتجاوز عنا.
وقال بعضهم: بل هو خيانة للأمانة التي اؤتمن عليها؛ فيجب أن يعامل الناس سواسية، وفق ما يمليه عليه عمله، "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون"، وقال: "والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون"، فما رأي الشرع في هذا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فبداية: نلفت النظر إلى خطأ هذا التعبير: (رأي الشرع)! فالشرع فيه أحكام وبينات، وأما الرأي فمنا نحن، بحسب فهمنا، واجتهادنا، وراجع في ذلك الفتوى: 23033.
وأما جواب ما سألت عنه، فالذي نراه أن الأصل هو القيام بمهام الوظيفة على الوجه المطلوب، طالما كان العمل مباحا؛ فذلك هو مقتضى الأمانة، والوفاء بالعقود، لكن إذا كان الموظف يؤذن له حسب لوائح العمل ونظامه في استثناء بعض الناس لمقتض ما؛ فلا حرج عليه في ذلك حينئذ.
واستثناؤه للبعض حسبما يؤذن له فيه، لا يعد حيفا على من طبق عليه القانون، وألزمه به، ولا خيانة للأمانة التي اؤتمن عليها؛ للإذن له فيما فعل، والإذن العرفي في ذلك كالإذن النصي، قال ابن قدامة في المغني: الإذن العرفي يقوم مقام الإذن الحقيقي. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: الإذن العرفي في الإباحة، أو التمليك، أو التصرف بطريق الوكالة، كالإذن اللفظي.
فكل واحد من الوكالة والإباحة ينعقد بما يدل عليها من قول وفعل، والعلم برضا المستحق يقوم مقام إظهاره للرضا. اهـ.
والله أعلم.