الظلم ممتنع عن الله، وكيفية الشعور بنعمة الله

0 29

السؤال

بدأت أشك في العقيدة، والإسلام، لأنكم تقولون: الله عادل، الله لا يظلم أحدا، فلماذا ربي يفضل بعضنا على بعض؟ أليس هو من خلقنا؟ دعوت لسنوات، وكنت أصبر، لكنني من هم، إلى غم، فلماذا ربي يرزق كل الناس من حولي، ولا يرزقني: لا بالتوفيق، ولا بالجمال، ولا بالفلوس؟ وهل ربي لا يحبني؟ أنا ـ والله ـ لا أحسدهم، ولا أغار منهم، لكنه القهر! فربي لم يرزقني بشيء، وكل من حولي ربي ينعم عليهم، وهم مسلمون، وسيدخلون الجنة، وأنا أصبحت ملحدة، لا دنيا، ولا آخرة، أتمنى أن تعطوني جوابا مقنعا، لأنني وصلت مرحلة الإلحاد، فكل من حوالي يدرسون في الجامعة، إلا أنا وإخواني، لأن أهلي ليست عندهم مصاريف الجامعة، فلماذا ربي لم يرزقني مثلهم، وهو خلقني كما خلقهم؟ لا تقولون لي: الرزق ليس فقط المال، فيمكن أن تكون عندي صحة، ونعم كثيرة، إلا أنني لا أشعر بها! فهم عندهم كل النعم، حتى الفلوس، وأنا ليس عندي شيء! أتمنى أن تقولوا لي، من هو الله!!! وإذا لم أقتنع فسأصير ملحدة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعاقل إنما يمهد لنفسه بالصبر في دنياه، لينال الخير في أخراه، فيتعب قليلا، ليسعد كثيرا، ويصبر على ضيق دنيا فانية، لينعم في جنة خالدة، من كل عيب سالمة، ومن كل نقص خالية. 
ومن العجيب أن تذكر السائلة دخول المسلمين الجنة، وأن الملحد يخسر دنياه، وأخراه، ثم تتوعد بالإلحاد كأنها بذلك تعاقب غيرها! وما علمت أنها إن فعلت ذلك، فلن تضر إلا نفسها، قال الله تعالى: فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها {يونس: 108}.

وقال سبحانه: ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين {آل عمران: 144}.

ونحن نعيذ السائلة بالله تعالى من أن تكون ممن قال الله فيهم: ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين {الحج: 11}.

ولذللك، ندعوها لتدبر هذه الآيات الكريمات، وما بعدها من قصة الرجلين: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا {الكهف: 28 - 32}.
وتجدين تفسيرها على موقعنا من خلال هذا الرابط: 

https://www.islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=863&idto=863&bk_no=209&ID=882
وأما تفاوت الرزق بين الناس: فلا يتعارض مع عدل الله تعالى، بل هو سبب من أسباب استمرار الحياة، وإلا، فمن الذي سيقوم بالأعمال الشاقة، والمهن الدنيئة ـ مع أهميتها ـ لو تساوى الناس كلهم في الغنى؟! وراجعي في تفصيل ذلك الفتاوى: 383977، 17831، 388123
ثم إن السائلة تجاهلت الجواب عن كون الرزق لا يقتصر على المال، بل منه الصحة، والأمن، والأهل، وغير ذلك، وتجاهلت ما أنعم الله به عليها من ذلك، وحرم منه غيرها! كما تجاهلت النظر في حال من زاد عليها في البلاء، فجمع بين الفقر، والمرض، والخوف، والاضطهاد، والسجن، والتعذيب، وغير ذلك من أنواع البلاء المبثوثة بين الناس! وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بضد ذلك، فقال: إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال، والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه، ممن فضل عليه. رواه البخاري، ومسلم.

وفي رواية لمسلم: انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم.

وجاء في شرح مسلم للنووي: قال ابن جرير وغيره: هذا حديث جامع لأنواع من الخير، لأن الإنسان إذا رأى من فضل عليه في الدنيا، طلبت نفسه مثل ذلك، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى، وحرص على الازدياد، ليلحق بذلك، أو يقاربه، هذا هو الموجود في غالب الناس، وأما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه فيها، ظهرت له نعمة الله تعالى عليه، فشكرها، وتواضع، وفعل فيه الخير. اهـ. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة