السؤال
قبل ولادة زوجتي قالت حماتي لزوجتي إنها ستأخذ النقوط الذي سيأتي للمولود؛ لكي تحتفظ به لزوجتي إن احتاجته في يوم من الأيام، وليكون بعيدا عن تصرفي كزوج، فرفضت زوجتي طلبها، وأخبرتها أننا متفقان على الاحتفاظ بالنقوط، ورده في أقرب مناسبة لمن أعطاه لنا، فأخبرتها حماتي بأن النقوط الذي سيأتي من أهلها، ستأخذه لها؛ لأنها جاملت أهلها، وهذا رد للمجاملة، فأخبرتها زوجتي بأن ما يعطيه الناس لك ليس لي علاقة به، وأن ما يوضع على الطفل، فهو مجاملة لأبيه وأمه.
بعد ولادة زوجتي ذهبنا إلى بيت حماتي، وفي اليوم الرابع جاءت خالات وخال حماتي ليباركوا لنا، فطلبوا الطفل، فأخذت حماتي الطفل من يدي، ووضع الحاضرون النقوط على الطفل، ثم أخذت حماتي النقوط من فوق الطفل، وأعطت الطفل لأمه، فغضبت أنا وزوجتي من الموقف، وطالبنا حماتي بالنقوط؛ لأنه من حق الطفل، وكان ذلك في وجود خال زوجتي، وقالوا: ليس لكم حق في المال؛ لأنكم في بيت حماتك، وإن من أعطى المال أقارب حماتك، مع العلم أن خال زوجتي أقر أن النقوط الموضوع على الطفل من حق الأبوين، وغير كلامه إرضاء لأخته.
لم أصل إلى حل معهم، واتهموني بأني محب للمال، فقلت لهم إنني لن أسامحكم في حق ابني، ولن يكون هناك تعامل مادي، ولا مجاملات بيننا مرة أخرى، وقررت أنا وزوجتي الذهاب إلى بيتنا؛ لأن نفسيتنا أنا وزوجتي كانت مدمرة بسبب اتهامهم لي بأني محب للمال، وقالوا لي كلاما جارحا أمام إخوتها الصغار.
وكانت نفسية زوجتي سيئة بسبب ما حدث في بيت أهلها، ولم تكن تريد التحدث مع أحد، فطالبتها بعدم التحدث معهم لمدة أسبوع؛ لكي تستعيد توازنها النفسي، واتصلت بهم، وأخبرتهم أنها لا تريد التحدث في تلك الفترة، وبعدها بأسبوع تواصلت مع أهلها بشكل طبيعي، فما حكم الشرع فيما حدث من جميع الأطراف؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن ما يسمى بالنقوط، اختلف الفقهاء في تكييفه الفقهي، وما نرجحه أن المرجع في ذلك إلى عرف الناس، وعاداتهم، ويمكن مراجعة الفتويين 203083، 332743. هذا أولا.
ثانيا: بناء على ما ذكرنا من اعتبار العرف والعادة في ذلك، فمن المحتمل أن يكون ما يدفع من النقوط من أجل الحماة؛ لكونها من تتواصل مع الآخرين، وتهدي إليهم، ويحتمل أن تدفع النقوط من أجل الطفل، أو من أجل أمه؛ فالعرف عندكم هو المعتبر في ذلك.
ثالثا: ينبغي سلوك سبيل التفاهم، وسؤال أهل العلم والعمل بما تقتضيه فتواهم.
رابعا: يتعين البعد عن طاعة الشيطان والعمل بما يدعو إليه من التفرقة والتباغض بين الجيران وذوي الأرحام؛ فقد قال الله تعالى: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير {فاطر:6}، وقال تعالى: إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون {المائدة:91}.
ومن الخطأ سلوك سبيل العصبية، والتشنج، وفتح باب للشيطان ليوغر الصدور، ويكون الخصام على النحو الذي حدث، وهذا أمر مؤسف.
خامسا: إن كانت حماتك قد وصفت بكونك: "بتاع فلوس" تعيبك بذلك؛ فقد أخطأت خطأ بينا.
والأولى بك أن تتغافل عن ذلك، وتتجاوز من أجل الهدف الأسمى، وهو حفظ حبال الود والألفة؛ لما بينكم من هذه العلاقة السامية التي بينك وبينها، وهي المصاهرة، وقد امتن الله عز وجل بها على عباده، فقال: وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا {الفرقان:54}.
وينبغي الاجتهاد في أن تكون العلاقة بينكم على أحسن حال.
سادسا: ترك زوجتك التحدث مع أهلها لمدة أسبوع، إن لم يكن على سبيل القطيعة لهم، وإنما كعلاج للحالة النفسية التي هي فيها -كما ذكر بالسؤال-؛ فنرجو أن لا حرج عليها في ذلك، ولمزيد الفائدة، تراجع الفتوى: 166897.
والله أعلم.