السؤال
أعيش مع بعض إخوتي الذين لا يستنجون من البول -مما يعني أن ملابسهم الداخلية قد تكون نجسة-، وعندما وضعت بعض ملابسي في دلو به ماء، وجدت ملابس داخلية لإخوتي مع ملابسي؛ مما يعني أن الماء قد يكون على الأغلب خالط النجاسة، فهل يتنجس الماء والملابس؟ وهل في مذهب الإمام مالك لو سقطت نجاسة في ماء متسخ وملوث جدا، يصبح نجسا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يحافظ على نظافته الظاهرة والباطنة، وعليه أن يحذر من عدم الاستنجاء من البول؛ لما يترتب على ذلك من الإخلال بنظافته، وفساد صلاته، وتعرضه للعقوبة الأخروية؛ فقد جاء في الصحيحين، وغيرهما، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان المدينة، أو مكة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يعذبان، وما يعذبان في كبير. ثم قال: بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة. ثم دعا بجريدة، فكسرها كسرتين، فوضع على كل قبر منهما كسرة، فقيل له: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسا أو: إلى أن ييبسا.
قال ابن رجب الحنبلي في أهوال القبور: الطهارة من الحدث تنجي من عذاب القبر، وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينجي من عذاب القبر؛ لأن فيه غاية النفع للناس في دينهم. اهـ
ولذلك؛ فإن عليك أن تنصح هؤلاء الإخوة بالعناية بالطهارة، والحفاظ على الاستنجاء؛ فالقيام بالنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفضل العبادات، والأنفع للعباد في الدنيا والآخرة، وأحق الناس بذلك هم الأقربون.
وأما ملابسك التي وضعت في الحوض؛ فإنها لا تتنجس بوضع الملابس التي تشك في نجاستها معها، ما لم تتيقن نجاستها؛ لأن الأصل الطهارة، ولا ينتقل عنها إلا بيقين، ومجرد الشك في انتقال النجاسة لا اعتبار له، كما بينا في الفتوى: 394786.
وأما قولك: "فهل يتنجس الماء..."، فإن الماء القليل يتنجس على قول في مذهب مالك -وهو قول ابن القاسم، والجمهور- إذا سقطت فيه النجاسة، ويتنجس ما خالطه من الملابس، ولو كان هذا الماء نظيفا، ولو لم تغيره النجاسة التي حلت فيه، ومن باب أحرى إذا كان الماء متسخا وملوثا، قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: وقليل الماء ينجسه قليل النجاسة، وإن لم تغيره. ومشهور المذهب أنه لا يتنجس إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة -لونه، أو طعمه، أو ريحه- لقوله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الماء طهورا، لا ينجسه شيء، إلا ما غير لونه، أو طعمه، أو ريحه. انظر الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
وهذا الحديث الذي ذكره ورد بألفاظ كثيرة في السنن، والجامع لمسائل المدونة، وغيرهما، وإسناده ضعيف، ومعناه صحيح، كما قال العلماء.
والله أعلم.