السؤال
يوجد طريقة حديثة لعلاج فروة الرأس من عدة أمراض بسبب غياب الشعر الكامل، أو الجزئي، والغير (عكوس) اسم هذه الطريقة: (ميكرو سكالب بيجمينتيشن)(MSP)... مثال على تلك الحالات: الحروق الشديدة، أو الصلع الوراثي الذي لا يفيد معه الزراعة لضعف المنطقة المانحة بعموم الرأس، أو نتيجة لاستخدام العلاجات الكميائية الدائمة، كما في حالات زراعة الأعضاء، مرض الصدفية الشديد على الرأس، والإكزيما، والكرب النفسي، وأمراض متعددة.
أرجو -قبل الإجابة عن السؤال- الاطلاع على طريقة العلاج، وأنها غير الوشم، وأنها تنقذ إنسانا يعاني نفسيا من تبعات تشوه شكله العام، وأن الله جميل يحب الجمال، وأنني لا أسعى لتغيير خلق الله -سبحانه وتعالى-، وإنما أسعى إلى علاج مرض جلدي، له ماله من انعكاسات سلبية على الحالة النفسية، وتفاعلات الشخص مع الآخرين. فما الحكم الشرعي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحسب ما وقفنا عليه أن هذه الطريقة المعروفة بصبغ فروة الرأس المجهري، تقوم على حقن الأصباغ تحت الجلد، وليست صبغا لظاهر الجلد -كالحناء أو نحوه-، وإذا كان الامر كذلك: فالذي يظهر لنا أن لها حكم الوشم -ولو كان غير دائم-، والوشم محرم عند جماهير العلماء من حيث الأصل، وانظر الفتاوى: 337846 - 159763 - 126558.
وأما استعمال هذه الطريقة لإزالة العيب والتشوية غير المعتاد لا لزيادة الحسن: فالظاهر جوازه. فالنهي عن الوشم محله إذا ما كان لمجرد طلب الحسن، فقد جاء في حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله تعالى. ما لي لا ألعن من لعن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو في كتاب الله: {وما آتاكم الرسول فخذوه}. متفق عليه.
جاء في لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح للدهلوي الحنفي: قوله: (للحسن) متعلق بالمتفلجات خاصة، ويحتمل أن يتعلق بالأفعال المذكورة كلها يكون لإظهار الحسن، وهذا المعنى أقرب وأوجه نظرا إلى المعنى .اهـ.
وفي سنن أبي داود: لعنت الواصلة، والمستوصلة، والنامصة، والمتنمصة، والواشمة، والمستوشمة، من غير داء. صححه الألباني.
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح في شرحه لهذا الحديث: (من غير داء): متعلق بالوشم. قال المظهر: إن احتاجت إلى الوشم للمداواة جاز، وإن بقي منه أثر. اهـ.
وجاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: ........ قال بعض: وينبغي أن محل حرمة الوشم حيث لا يتعين طريقا لمرض وإلا جاز، لأن الضرورات قد تبيح المحظورات في زمن الاختيار فكيف بالمختلف فيه؟. اهـ.
ثم إن هذه الطريقة أخف وأيسر -كما هو ظاهر- من العمليات الجراحية المقرر جواز إجرائها لإزالة العيوب والتشوهات، كما في الفتوى: 320704.
لكن ينبغي التنبه إلى توسع بعض الناس في مجاراة الأهواء، واعتبار كل ما لا يعجبهم من أجسادهم عيبا وتشويها، والأمر ليس كذلك.
والله أعلم.