السؤال
قال الله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خالفوا اليهود؛ فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم. رواه أبو داود.
هل يفهم من هذه الآية المباركة، والحديث الشريف أن الصلاة في المسجد المفروش بالجوربين النظيفين أولى وأفضل، وأقرب للسنة من الصلاة فيه حافيا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب للمصلي أن يأتي المسجد على أحسن هيئاته، وفي أجمل ملابسه؛ لقول الله -عز وجل-: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد {الأعراف:31}.
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم، فليلبس ثوبيه؛ فإن الله أحق من تزين له. رواه الطبراني في المعجم، وصححه الألباني.
وأما الصلاة بالنعلين أو الخفين الطاهرتين النظيفتين؛ فمشروعة، كما يجوز ترك الصلاة فيهما؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم يصلي أحيانا حافيا، وأحيانا منتعلا.
ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي سلمة سعيد بن يزيد قال: سألت: أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في نعليه؟ قال: نعم.
وعند أحمد، وأبي داود، وابن ماجه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي حافيا، ومنتعلا.
وفي سنن أبي داود عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خالفوا اليهود؛ فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم.
وروى أحمد، والحاكم في المستدرك، وأبو داود في السنن -واللفظ له- وغيرهم، عن أبي سعيد الخدري، قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بأصحابه؛ إذ خلع نعليه، فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم، ألقوا نعالهم. فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاته، قال: ما حملكم على إلقاء نعالكم؟ قالوا: رأيناك ألقيت نعليك، فألقينا نعالنا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن جبريل -صلى الله عليه وسلم- أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا -أو قال: أذى-"، وقال: "إذا جاء أحدكم إلى المسجد، فلينظر: فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى، فليمسحه، وليصل فيهما. اهـ.
وقد اختلف أهل العلم في حمل النصوص التي ذكرناها على الإباحة والاستحباب، وقد بينا ذلك في الفتوى: 364747.
وقد بينا في الفتوى: 436753. أن عدم إدخال المصلين اليوم لأحذيتهم داخل المسجد، والصلاة فيها -وإن كانت طاهرة-، ليس لمنع الصلاة في الحذاء، وإنما خشية تلويث فراش المسجد بالغبار، أو غيره مما قد يعلق بأسفل الحذاء.
ولم تكن المساجد في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- مفروشة؛ ولذا كانوا يصلون في نعالهم، إذا كانت طاهرة.
والله أعلم.