السؤال
ورد عن النبي أنه قال: لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس. وفي حديث آخر قال رسول الله: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. بمعنى سبعة أصناف سيظلهم الله تعالى يوم القيامة. كيف نوفق بين الحديثين؟
ورد عن النبي أنه قال: لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس. وفي حديث آخر قال رسول الله: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. بمعنى سبعة أصناف سيظلهم الله تعالى يوم القيامة. كيف نوفق بين الحديثين؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الحديثين الشريفين الذين ذكرتهما قد وردا في صحيحي البخاري، ومسلم، وغيرهما، ولا تعارض بينهما لا من قريب، ولا من بعيد، حتى يحتاج إلى التوفيق بينهما، ومعناهما واضح.
فأحدهما يتعلق بحالة الناس الذين ستقوم الساعة -وهم عليها- فيقول: لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس. معناه أن هؤلاء تقوم عليهم الساعة، وهم من أهل الدنيا، وليس ذلك يوم القيامة.
جاء في فيض القدير للمناوي: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس) وذلك أنه تعالى يبعث الريح الطيبة، فتقبض روح كل مؤمن، فلم يبق إلا شرار الناس، وذلك إنما يقع بعد طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، وسائر الآيات العظام، وقد أورد مسلم في حديث آخر: أن الله يبعث ريحا طيبة، فتوفي كل من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم. وفي حديث له آخر: يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام، فلا تبقي على وجه الأرض أحدا في قلبه مثقال ذرة من خير إلا قبضته، وفيه: فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع، لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا، فيتمثل لهم الشيطان، فيأمرهم بعبادة الأوثان، ثم ينفخ في الصور. اهـ
أما الثاني: فإنه يتعلق بالبشارة والتكريم الذي أعده الله تعالى يوم القيامة للسبعة المذكورين في الحديث، وخصهم به.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وقيل المراد بظله: كرامته وحمايته، كما يقال فلان في ظل الملك، وهو قول عيسى بن دينار، وقواه عياض. وقيل: المراد ظل عرشه، ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن: سبعة يظلهم الله في ظل عرشه، فذكر الحديث. وإذا كان المراد ظل العرش استلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته من غير عكس، فهو أرجح، وبه جزم القرطبي، ويؤيده أيضا تقييد ذلك بيوم القيامة، كما صرح به ابن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر، وهو عند المصنف في كتاب الحدود. اهـ
والله أعلم.