هل في تقديم دروس الدعم للبنات المتبرّجات تشجيع لهنّ على الذهاب للمدارس المختلطة؟

0 17

السؤال

قالت لي بعض الأخوات: إنه يحرم تقديم دروس الدعم للبنات البالغات؛ لأن هذا تشجيع لهن على الذهاب للمدارس والاختلاط، خاصة أن أغلبهن متبرجات، وكل المدارس مختلطة، وأن المال الناتج حرام، فما حكم الشرع في ذلك؟ وإذا أفتى لي شيخ بجواز ذلك، وعملت بكلامه، مع بقاء الشك في قلبي، ثم كان جوابه خطأ، فهل سأحاسب على المال الذي أخذته، وكان الشك في قلبي حجة علي؛ عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى مالا يريبك"؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا حرج عليك في تدريس البنات -ولو كن بالغات- ما ينفعهن في دنياهن، أو أخراهن.

وعليك أن تنوي بذلك فعل الخير، وتعليم الجاهل؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله، وملائكته، وأهل السماوات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير. رواه الترمذي، وابن ماجه، وغيرهما.

وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله لم يبعثني معنتا، ولا متعنتا، ولكن بعثت معلما ميسرا. رواه ابن ماجه، وغيره.

فعليك أن تتحملي المسؤولية كمعلمة، وأن تبذلي جهدك في هداية الطالبات من خلال دروس الدعم، وغيرها؛ حتى تزرعي الطهر والعفاف، وحب الدين وأهله وما يتعلق به في قلوبهن؛ فإذا فعلت ذلك؛ فقد أديت الذي عليك، وأنت مشكورة مأجورة -إن شاء الله تعالى-.

وعلى فرض أنهن لم يلتزمن بالضوابط الشرعية؛ فإن المال المكتسب من عملك الشرعي حلال -إن شاء الله تعالى-.

وليس في ذلك تشجيع أو فتح ذريعة لهن إلى الحرام؛ لأنهن -كما قلت- كن متبرجات، وإن كأن - في الأصل - سد الذريعة أصل من أصول الشرع، كما قال صاحب المراقي:

سد الذرائع إلى المحرم حتم كفتحها إلى المحتم.

ولكن القاعدة الفقهية تقول: "ما حرم سدا للذريعة يباح للحاجة، والمصلحة الراجحة"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم، إذا عارضتها حاجة راجحة؛ أبيح المحرم. انتهى.

وقال أيضا: ما كان من باب سد الذريعة إنما ينهى عنه إذا لم يحتج إليه، وأما مع الحاجة للمصلحة التي لا تحصل إلا به؛ فلا ينهى عنه. انتهى.

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: وما حرم سدا للذريعة؛ أبيح للمصلحة الراجحة. انتهى.

ولا يخفى على المسلم ضرورة العلم والتعليم، وحاجة الناس جميعا إلى ذلك، وخاصة في هذا العصر.

وإذا أفتاك شيخ من أهل العلم والورع؛ فعليك أن تعتمدي فتواه، وتعملي بها؛ فقد قال الله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون {النحل:43}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى