السؤال
عمري 15 سنة، عندي مشكلة، ولا أعرف ماذا أفعل؟ وهل سيحسب علي الذنب، أم على أمي؟
عندي أم زانية، لاحول ولا قوة إلا بالله. ويوجد شخص لا أعرفه، يعيش في بيتنا، لكن في غرفة، وأنا لا أحب هذا الشخص؛ لأن هذا الشخص هو الذي زنا مع أمي. وأنا لا أستطيع أن أفعل شيئا. وأخاف أن أتكلم، أو أقول لأمي: لا تفعلي هذا الشيء؛ لأنها ستضربني، وتأخذ مني هاتفي، وأنا في صلاتي أدعو أن الله يهديها، فهي قاسية علي. وأبي في دولة أخرى، وأخاف أن أقول له. وكلما أناقش أمي، أو أقول لها أي شيء، تقول: لا تغضبني، وإلا فسأدعو عليك. وهي مرات عندما تغضب تدعو علي، وأنا لا أستطيع أن أفعل شيئا. وفي فترة من الفترات قرأت محادثة بينها وبين شخص غريب، تقول له كلمات، لاحول ولا قوة إلا بالله، كلمات يعني. والله عندما قرأت هذا الكلام ذهبت لغرفتي أبكي، وأنا ميت من القهر من داخلي، ولا أستطيع أن أفعل شيئا.
هل أنا حاليا أحسب على الديوثين أم ماذا؟ لأن الديوثين لا يدخلون الجنة. لكني غير راض على أمي.
أتمنى أن تكون رسالتي قد وصلت. وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على غيرتك على محارم الله، وهذا شأن المؤمن، كما جاءت بذلك السنة، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه.
بل هو شأن كل من فيه مثقال ذرة من رجولة، وهذه الغيرة منك تدل على أنك لست ديوثا، ولمعرفة حقيقة الديوث، انظر الفتوى: 56653.
وإن كان الرجل الأجنبي المذكور يسكن معكم في غرفة من البيت غير مستقلة عنه بمدخل ومرافق خاصة، فهذا أمر لا يجوز.
فانصحه بأن يتقي الله، وبين له أنه يحرم عليه السكنى معكم، وإن كان أبوك لا يعلم بذلك -وهو الظاهر- فهدده بإخبار أبيك بالأمر، فإن خرج من البيت فذاك، وإلا فأخبر أباك بذلك.
والاتهام بالزنا أمر خطير، وخاصة إن كان في حق الأم، فقد شدد الشرع في أمر إثبات الزنا ووضع له شروطا ثقيلة، وله في ذلك الحكمة البالغة ومنها الستر على العباد، كما سبق بيانه في الفتوى: 356197.
وإن وجدت من أمك ما يريب، فاجتهد في محاولة نصحها برفق ولين وبالحسنى، وإظهار الشفقة عليها، وذكرها بالله وأليم عقابه، فلعل الله يجري لها الخير على يديك، فتنتبه وتتذكر وترجع إلى ربها وتتوب. فإن فعلت فالحمد لله، وإلا فهددها بإخبار أبيك بالأمر، فلعلها ترتدع.
ولا حرج عليك إن غضبت عليك بسبب نصحك لها أو تهديدك لها، وإن دعت عليك فالمرجو أن لا يستجاب دعاؤها؛ لأنه دعاء بغير حق. وراجع الفتوى: 62735.
وإن انتهت أمك بعد النصيحة أو التهديد، فالحمد لله، وإلا فلا يجوز لك الستر عليها، بل يجب عليك إخبار أبيك أو من تهابه من أقربها كأبيها ونحوه، وليكن ذلك بالتلميح، ولا تلجأ للتصريح إلا إذا اقتضى الأمر ذلك؛ إذ يحرم شرعا استمرار هذه العلاقة واستدامتها.
جاء في مختصر خليل -المالكي- قوله: وفي محض حق الله تجب المبادرة بالإمكان، إن استديم تحريمه، كعتق، وطلاق، ووقف، ورضاع. اهـ.
قال الخرشي في شرحه: يعني أن الحق إذا تمحض لله -تعالى- وكان مما يستدام تحريمه، فإنه يجب على الشاهد المبادرة بالشهادة إلى الحاكم، بحسب الإمكان، كمن علم بعتق عبد وسيده يستخدمه ويدعي الملكية فيه، وكذلك الأمة، أو علم بطلاق امرأة ومطلقها يعاشرها في الحرام. اهـ.
هذا مع التنبه إلى أن عليك أن تقتصر على إخبار من يمنع المنكر، ولا تخبر غيره دون مصلحة معتبرة؛ فالأصل الستر والإخبار إنما كان للحاجة أو الضرورة، وهي تقدر بقدرها.
والله أعلم.