السؤال
أنا ولد وحيد، توفيت أمي -وأنا صغير-، وبعد ذلك تزوج أبي من خالتي، وأنجب خمس بنات. ونحن لا نمتلك أي شيء سوى البيت الذي نعيش فيه. وأنا متزوج، ولدي ابن، وأعمل بالخارج، وأنفق على البيت، وأنفقت على جهاز أخواتي البنات في زواجهن. تزوج ثلاثة، وبقي اثنتان،
وقد اشتريت بيتا لي، وانفردت بالعيش فيه مع زوجتي وابني.
ولكن لم أعد أقدر على الإنفاق على البيت، أو على جهاز ما تبقى من البنات. مع العلم أن خالتي -زوجة أبي- دائما ما تنكر ذلك، وأيضا أخواتي البنات ناكرات أيضا لهذا الإنفاق.
وقد قامت خالتي أثناء توزيع تركة جدي -والد أمي- بالوقوف بجوار أخيها ضدي، مع كل ما أفعله من أجلها، ومن أجل أخواتي البنات، وسمعت أن أبي قال إنه سيخرجني من تركته، ويكتب البيت للبنات فقط.
فهل إذا توقفت عن الإنفاق عليهن أكون بذلك آثما وعاقا لوالدي، مع أنه ظلمني؟
مع العلم بأن دخلي يكفي لبيتي، وما يتبقى منه إلا القليل؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي وجوب إنفاق الأخ الموسر على أخواته المحتاجات للنفقة؛ خلاف بين أهل العلم، وانظر الفتويين: 44020، 126804.
لكن على أية حال؛ فما دمت لا تجد ما تنفقه على أخواتك زائدا عن حاجاتك؛ فلا تلزمك النفقة عليهن.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني عند كلامه على شروط وجوب نفقة القريب: (الشرط) الثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم، فاضلا عن نفقة نفسه، إما من ماله، وإما من كسبه. فأما من لا يفضل عنه شيء، فليس عليه شيء؛ لما روى جابر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا كان أحدكم فقيرا، فليبدأ بنفسه، فإن فضل، فعلى عياله، فإن كان فضل، فعلى قرابته. وفي لفظ: ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول . حديث صحيح. وروى أبو هريرة، أن رجلا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، عندي دينار. قال: تصدق به على نفسك قال: عندي آخر. قال: تصدق به على ولدك. قال: عندي آخر. قال: تصدق به على زوجك. قال: عندي آخر. قال: تصدق به على خادمك. قال: عندي آخر. قال: أنت أبصر رواه أبو داود، ولأنها مواساة، فلا تجب على المحتاج. انتهى.
لكن عليك بر أبيك، والإحسان إليه قدر وسعك، ولا يجوز لك قطعه، أو الإساءة إليه. وننصحك بالاستمرار في التواصل مع أخواتك وخالتك، وبالإحسان إليهن، ومساعدتهن بما في وسعك، ولا يحملنك وقوف خالتك ضدك، أو إنكار الأخوات لجميلك أن تقطعهن، أو تعاملهن بالمثل.
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري، وغيره.
والله أعلم.