حكم من أوصى أولاده بتأجير الشقق وجعل إيجار شقة منها صدقة جارية

0 29

السؤال

توفي أبي -رحمه الله-، وترك وصية مكتوبة مفادها: أن لا نبيع البيت الذي تركه لنا، والذي يضم سبع شقق، بل نكتفي بتأجير الشقق. ونخصص الكراء السنوي لإحدى هذه الشقق عينها في وصيته كصدقة جارية. فهل يجوز لنا بيع البيت؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن ثبتت الوصية المذكورة، فإنها تضمنت أمرين:
أولهما: وصيته بتأجير إحدى الشقق التي عينها، وجعل ريعها في صدقة جارية، فهذه وصية صحيحة تمضي في حدود الثلث، وتعتبر وصيته بإيجار الشقة وصية بمنفعة، ويتعلق بها أمور:
1) منها: أنها وصية صحيحة في قول جمهور أهل العلم. جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الوصية بالمنافع، لأنها كالأعيان في تملكها بعقد المعاوضة والإرث، فصحت الوصية بها كالأعيان. اهـ.
2) ومنها: أنها تصح في حدود ثلث التركة, وما زاد على الثلث لا يمضي إلا برضا الورثة, جاء في الموسوعة الفقهية: وتخرج قيمة المنافع من ثلث المال، فإن لم تخرج من الثلث، أجيز منها بقدر الثلث. اهـ.
3) وتقدير كونها تساوي الثلث، أو أقل، أو أكثر يكون بتقدير عين المنفعة -الشقة الموصى بغلتها-. جاء في الموسوعة الفقهية: والمنفعة الموصى بها، سواء أكانت مطلقة أم مقيدة فإنه يعتبر فيها خروج العين التي أوصى بمنفعتها من ثلث المال، فإن خرجت من الثلث جازت الوصية في جميع المنافع. اهـ.

وعلى هذا؛ فإذا كان ثمن تلك الشقة المعينة لا يزيد على ثلث التركة، فالوصية ماضية صحيحة.

جاء في الموسوعة الفقهية: فإن كان ما وقفه لا يزيد على ثلث التركة صار الوقف لازما، ويعتبر في حكم الوصية في اعتباره من ثلث المال، وإذا خرج من الثلث جاز من غير رضا الورثة، وإذا كان الموقوف أكثر من ثلث مال الواقف توقف لزومه على إجازة الورثة، فإن أجازوه نفذ الوقف، وإن لم يجزه الورثة نفذ في الثلث فقط، وبطل فيما زاد على الثلث، لأن حق الورثة تعلق بالمال بوجود المرض فمنع التبرع بزيادة على الثلث، وهذا ما ذهب إليه الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. اهـ.
ثانيهما: وصيته لكم بعدم بيع بقية الشقق هو في الحقيقة منعكم من التصرف فيما تملكون، ومن المعلوم أن العمارة تصير ملكا للورثة بمجرد موت المورث، وليس له أن يمنعكم من التصرف فيما هو ملك لكم، وعليه فلا عبرة بوصيته بعدم بيع الشقق التي هي تركة.

وتراجع الفتوى: 131930. للفائدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات