السؤال
إذا كان شخص في مكان لا يوجد فيه ماء ولا تراب. ونحن نعلم أنه يصلي على حسب حاله -الصلوات المفروضة- فهل يجوز أن يصلي النفل، ويقرأ القرآن ما دام لم يجد الماء أو التراب حتى لو كان على جنابة؟
إذا كان شخص في مكان لا يوجد فيه ماء ولا تراب. ونحن نعلم أنه يصلي على حسب حاله -الصلوات المفروضة- فهل يجوز أن يصلي النفل، ويقرأ القرآن ما دام لم يجد الماء أو التراب حتى لو كان على جنابة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي شأن فاقد الطهورين، وهل يصلي ويقضي، أو يصلي ولا يقضي، أو يقضي ولا يصلي، أو لا صلاة عليه؟ خلاف بين أهل العلم.
وأرجح تلك الأقول أنه يصلي على حسب حاله، مقتصرا على فعل ما تصح به الصلاة، ويصلي الفرض فقط، ولا يصلي النوافل، ولا يلزمه إعادة تلك الصلاة، ولو أعادها بعد أن يغتسل احتياطا وخروجا من الخلاف، فهو أولى.
قال ابن قدامة في المغني: وإن عدم بكل حال، صلى على حسب حاله، وهذا قول الشافعي. وقال أبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي: لا يصلي حتى يقدر، ثم يقضي؛ لأنها عبادة لا تسقط القضاء، فلم تكن واجبة، كصيام الحائض.
وقال مالك: لا يصلي ولا يقضي؛ لأنه عجز عن الطهارة، فلم تجب عليه الصلاة، كالحائض. وقال ابن عبد البر: هذه رواية منكرة عن مالك، وذكر عن أصحابه قولين: أحدهما: كقول أبي حنيفة، والثاني: يصلي على حسب حاله، ويعيد.
ولنا ما روى مسلم في صحيحه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أناسا لطلب قلادة أضلتها عائشة، فحضرت الصلاة، فصلوا بغير وضوء، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فنزلت آية التيمم، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ولا أمرهم، بإعادة. فدل على أنها غير واجبة، ولأن الطهارة شرط، فلم تؤخر الصلاة عند عدمها، كالسترة واستقبال القبلة.
وإذا ثبت هذا، فإذا صلى على حسب حاله، ثم وجد الماء أو التراب لم يلزمه إعادة الصلاة في إحدى الروايتين، والأخرى عليه الإعادة، وهو مذهب الشافعي، لأنه فقد شرط الصلاة، أشبه ما لو صلى بالنجاسة. والصحيح الأول، لما ذكرنا من الخبر، ولأنه أتى بما أمر، فخرج عن عهدته، لأنه شرط من شرائط الصلاة، فيسقط عند العجز عنه، كسائر شروطها وأركانها. انتهى.
وقال البهوتي ـ رحمه الله ـ في المنح الشافيات: من عدم الماء والتراب صلى الفرض فقط على حسب حاله، ولا يزيد على ما يجزي، وكذا لو كان به قروح لا يستطيع معها مس البشرة بماء ولا تراب، فيصلي الفرض فقط على حسب حاله، ولا إعادة عليه. انتهى.
وفاقد الطهورين نص بعض أهل العلم كالشافعية على أنه لا يقرأ القرآن غير الفاتحة في الصلاة.
جاء في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري: فاقد الطهورين إذا كان جنبا لا يقرأ غير الفاتحة. انتهى.
وقال الشربيني في الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: وفاقد الطهورين يقرأ الفاتحة وجوبا فقط للصلاة؛ لأنه مضطر إليها. خلافا للرافعي في قوله: لا يجوز له قراءتها كغيرها. انتهى.
والله أعلم.