السؤال
ما حكم الخنثى في الميراث خاصة لو كان خنثى مشكلا؟ وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالخنثى لغة من الخنث، وهو الليل، وفي الاصطلاح: شخص له آلتا الرجال والنساء، أو ليس له شيء منهما أصلا، والخنثى في الميراث يوجد في أربع جهات: البنوة والأخوة والعمومة والولاء، إذ كل واحد من المذكورين يمكن أن يكون ذكرا، وأن يكون أنثى.
وقد أجمع العلماء على أن الخنثى يورث حسب ما يظهر فيه من علامات مميزة، فمثلا: إن بال من حيث يبول الرجل ورث ميراث الرجل، وإن بال من حيث تبول المرأة ورث ميراث المرأة، وقد نقل الإجماع على هذا ابن المنذر وغيره.
أما إذا لم يظهر حاله، فهو خنثى مشكل، وللخنثى المشكل حالتان:
الأولى: أن يرجى اتضاح حاله من ذكورة أو أنوثة، وفي هذه الحالة يوقف أمره وينتظر اتضاحه إن أمكن، فإن لم يمكن قسم الميراث وروعي الاحتياط، والأمور التي يتضح بها حاله:
1- البول، وهو أهم العلامات لوجوده في الصغير والكبير، فإن بال من الذكر فهو غلام، وإن بال من آلة الأنثى فأنثى، لأن البول من أي عضو يكون دليلا على أنه هو العضو الأصلي الصحيح، والآخر بمنزلة العيب، لأن من خواص ذلك العضو خروج البول منه، وذلك يبدأ عند انفصاله من أمه، وما سوى ذلك من المنافع يحدث بعد، فعلم بذلك أنه هو الأصلي، وإن بال من الآلتين كان الحكم للأسبق منهما، لأن سبق البول من أحدهما دليل على أنه هو العضو الأصلي، فإن استويا في السبق فللعلماء فيه قولان:
فمذهب الحنفية وأحد القولين للشافعية، وقول في مذهب الحنابلة، أنه يبقى مشكلا لعدم المرجح، ولأن كثرة ما يخرج ليس بدليل على أنه أصلي، إذ يرجع ذلك لاتساع المخرج وضيقه.
ومذهب المالكية وهو القول الآخر للحنابلة والقول الثاني للشافعية، كما أنه قول الصاحبين من المذهب الحنفي، أنه يعتبر العضو الأكثر بولا، لأن الحكم للأكثر إذ له حكم الكل في أصول الشرع، فإن استويا في السبق والكثرة بقي الخنثى مشكلا.
ثانيا: العلامات التي تظهر عند البلوغ، وهي على نوعين:
1- علامات تختص بالرجال، وهي: نبات اللحية، وخروج المني من ذكره، فإذا تبين فيه واحدة من هاتين، فهو رجل
2- علامات تختص بالنساء، وهي الحيض والحبل وتفلك الثديين، فإذ تبين فيه واحدة من هاتين العلامتين، فهو أنثى
الحالة الثانية: هي أن يبقى الخنثى مشكلا ولم يتضح، فميراثه على النحو التالي:
إن كان إرثه واحدا على تقدير ذكورته أو أنوثته أعطي نصيبه كاملا، وكذلك من كان معه من الورثة، أما إذا كان إرثه يختلف باختلاف التقدير بأنثى أو ذكر، فقد اختلف العلماء في توريثه على مذاهب:
الأول: وهو مذهب الحنفية، أنه يعامل بالأضر وحده دون من معه من الورثة.
الثاني: وهو مذهب الشافعية، أنه يعامل كل من الخنثى ومن معه بالأضر، سواء كان يرجى اتضاحه أو لا يرجى.
الثالث: وهو مذهب المالكية، أن الخنثى المشكل يعطى نصف نصيبي ذكر وأنثى إن ورث بهما متفاضلا، وإن ورث بأحدهما فقط، فله تصف نصيبه، سواء كان يرجى اتضاحه أم لا، فعلى هذا القول يعامل الخنثى وحده بالأضر، ولا يوقف شيء من التركة، بل تقسم قسمة نهائية.
الرابع: وهو مذهب الحنابلة، وفيه تفصيل:
1- إن كان يرجى اتضاحه عومل هو ومن معه بالأضر، كما يقول الشافعية، فيعطى هو ومن معه اليقين، ويوقف الباقي إلى حين تميز حاله، فتعمل المسألة على أنه ذكر، ثم تعمل على أنه أنثى، ويدفع للخنثى وكل وارث أقل النصيبين، ويوقف الباقي حتى يتميز.
2- إن كان لا يرجى اتضاح حاله بأن مات قبل بلوغه أو بلغ مشكلا، فلم تظهر فيه علامة، فكما يقول المالكية ورث نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى إن ورث بهما متفاضلا، وإن ورث بكونه ذكرا فقط أعطي نصف ميراث ذكر، وإن ورث بكونه أنثى فقط أعطي نصف ميراث أنثى، ووجه ذلك مراعاة الاحتياط في الحالتين.
هذا، وليعلم أن المسألة أوسع من هذا بكثير، ولمعرفة الأمر بالتفصيل، راجع الكتب التي تتكلم عن الميراث وأحكامه، وإذا كانت هذه الحالة واقعة فعلا، فعليكم بمراجعة المحاكم الشرعية.
والله أعلم.