السؤال
وقعت في شرك المحبة، والعمل من أجل صديقتي. حيث قالت لي: ادخلي حلقة تجويد؛ فدخلت لكي تراني. ثم حدثت خصومة فتفرقنا، والحمد لله أنها ابتعدت عني. وقد ندمت على ما حدث، وأصبحت أتعلم التجويد بيني وبين نفسي في المسجد.
فهل هذا الذنب أحبط كل أعمالي السابقة لهذا الذنب؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشرك المحبة الذي يجب على العبد أن يحذر منه، ويبتعد عنه فهو أن يحب غير الله كمحبة الله تعالى، وهذه المحبة: محبة عبودية وخضوع وتعظيم وتأليه.. كما قال تعالى عن المشركين: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله {البقرة:165}.
وما وقع منك مع صديقتك يظهر كونه رياء، وقد سبق في الفتوى: 345256. بيان أحوال محبة المخلوق، والمقصود بشرك المحبة.
والشرك الأكبر المخرج من الملة هو الذي يحبط ما سبقه من عمل العبد؛ قال الله تعالى: ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون {الأنعام:88}، وقال: ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين {المائدة:5}، وقال تعالى: لئن أشركت ليحبطن عملك {الزمر:65}.
وأما الشرك الأصغر -غير المخرج من الملة- ؛ فإنه يحبط العمل الخاص به، ولا يحبط الأعمال الأخرى. وراجعي الفتوى: 296797.
وجاء في صحيح مسلم وغيره، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك. من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه.
وقال ابن القيم في كتاب الصلاة وأحكام تاركها: الشرك شركان: شرك ينقل عن الملة وهو الشرك الأكبر، وشرك لا ينقل عن الملة وهو الشرك الأصغر: وهو شرك العمل: كالرياء ...
وفي شرك الرياء يقول الله تعالى: {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}. ومن هذا الشرك الأصغر قوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله، فقد أشرك". رواه أبو داود وغيره. انتهى.
ومنه عمل الطاعة والقربة لأجل الناس. كما جاء في شعب الإيمان للبيهقي عن الفضيل بن عياض أنه قال: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله عنهما. اهـ.
وما دمت ندمت وتبت إلى الله تعالى مما صدر منك من عمل الطاعة لكي تراك صديقتك؛ فإن ذلك هو الحق الذي ينبغي أن تستقيمي عليه، وتخلصي فيه لله تعالى.
فقد قال العلماء: الإخلاص أن يخلص العبد دينه، وعمله لله تعالى فلا يشرك في دينه، ولا يرائي بعمله.
وإذا كان لديك بعض الوسوسة في هذا المجال، فأعرضي عنه صفحا، ولا تسترسلي في التفكير فيه؛ لأن عواقبه وخيمة ، وقد يفسد على المرء دينه ودنياه.
والله أعلم.