السؤال
أطالع كثيرا وأجد خلافا ولا أحب أن أسأل عنه سوى أهل العلم، وهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه (ما التقى مسلمين بسيفيهما إلا ودخلا النار القاتل والمقتول) فماذا عن موقعة الجمل وأنا أعلم أنهما اجتهدا وعلي كرم الله وجهة أصاب وله أجران وغيره أخطأ وله أجر واحد، وكلهم صحابة أنا أشتاق لرؤيتهم وأحبهم جميعا وليس لي في أحدهم أي شك أنهم مسلمون مبشرون بالجنة فأين الرابط حينما التقوا بسيوفهم؟ وجزاكم الله خيرا، إن كان هناك توضيح.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بين علماء السنة المراد بهذا الحديث ونحوه، ومن ذلك ما قاله الإمام النووي في شرح مسلم إذ قال: وأما كون القاتل والمقتول من أهل النار فمحمول على من لا تأويل له ويكون قتالهما عصبية ونحوها، ثم كونه في النار معناه مستحق لها وقد يجازى بذلك وقد يعفو الله تعالى عنه، هذا مذهب أهل الحق وقد سبق تأويله مرات، وعلى هذا يتأول كل ما جاء من نظائره. واعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد، ومذهب أهل السنة والحق إحسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم وتأويل قتالهم وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا؛ بل اعتقد كل فريق أنه المحق ومخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى أمر الله، وكان بعضهم مصيبا وبعضهم مخطئا معذورا في الخطأ لأنه لاجتهاد، والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه وكان علي رضي الله عنه هو المحق المصيب في تلك الحروب هذا مذهب أهل السنة، وكانت القضايا مشتبهة حتى أن جماعة من الصحابة تحيروا فيها فاعتزلوا الطائفتين ولم يقاتلوا ولم يتيقنوا الصواب ثم تأخروا عن مساعدته منهم. انتهى.
والله أعلم.