السؤال
ما سبب نزول آية: وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.؟
ولماذا خص المؤمنين بالتوبة، دون المسلمين؟
ما سبب نزول آية: وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.؟
ولماذا خص المؤمنين بالتوبة، دون المسلمين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الله تعالى: ... وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون. جاء في ختام الآية الكريمة التي بدايتها: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون {النور:31}.
وقد ذكر أهل التفسير عدة أسباب لنزولها.
منها: أن أسماء بنت مرثد كانت في نخل لها، فجعل النساء يدخلن عليها غير متأزرات، فيبدو ما في أرجلهن، تعني الخلاخل. وتبدو صدورهن وذوائبهن، فقالت أسماء: ما أقبح هذا! فأنزل الله في ذلك: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن.
ومنها: أن رجلا مر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرقات المدينة، فنظر إلى امرأة ونظرت إليه. فوسوس لهما الشيطان أنه لم ينظر أحدهما إلى الآخر إلا إعجابا به، فبينما الرجل يمشي إلى جنب حائط وهو ينظر إليها إذ استقبله الحائط فشق أنفه، فقال: والله لا أغسل الدم حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أمري، فأتاه فقص عليه قصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا عقوبة ذنبك وأنزل الله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم... الآية.
ومنها: أن امرأة اتخذت برتين - خلخالين- من فضة، واتخذت جزعا (سلسلة خرز) فمرت على قوم، فضربت برجلها، فوقع الخلخال على الجزع، فصوت، فأنزل الله ولا يضربن بأرجلهن.... الآية. انظر التفسير المنير للزحيلي.
- والآية متصلة بما قبلها من التوجيهات والآداب، والخطاب في هذا السياق موجه إلى المجتمع المسلم كله.
وتخصيص المؤمنين بالخطاب؛ لأن إيمانهم يمنعهم من الوقوع فيما يخل بالإيمان، ووصفهم به؛ لأنه أعلى وأخص..
جاء في تفسير السعدي: ولما أمر -تعالى- بهذه الأوامر الحسنة، ووصى بالوصايا المستحسنة، وكان لا بد من وقوع تقصير من المؤمن بذلك، أمر الله -تعالى- بالتوبة، فقال: {وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون}. لأن المؤمن يدعوه إيمانه إلى التوبة، ثم علق على ذلك الفلاح، فقال: {لعلكم تفلحون} فلا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة، وهي الرجوع مما يكرهه الله، ظاهرا وباطنا، إلى ما يحبه ظاهرا وباطنا.
ودل هذا، أن كل مؤمن محتاج إلى التوبة؛ لأن الله خاطب المؤمنين جميعا، وفيه الحث على الإخلاص بالتوبة، في قوله: {وتوبوا إلى الله} أي: لا لمقصد غير وجهه، من سلامة من آفات الدنيا، أو رياء وسمعة، أو نحو ذلك من المقاصد الفاسدة. انتهى.
والله أعلم.