قدم مكة ناويًا الحج وتجاوز الميقات دون إحرام ثم رجع إلى الميقات وأحرم بعمرة

0 21

السؤال

نويت أداء مناسك الحج، والعمرة لهذا العام -بعون الله- من بلاد الشام، والسفر كان بالطائرة، متجاوزا ميقات الإحرام دون إحرام، وصولا إلى الفندق بمكة، متمتعا.
وبعد الوصول نويت العمرة، وذهبت إلى ميقات أهل الشام، وأحرمت بنية العمرة -لبيك عمرة-، وأديت مناسك العمرة كاملة، ثم تحللت، منتظرا يوم: 8 من ذي الحجة، لأداء مناسك الحج، فهل هذا صحيح؟ أم يلزمني دم؟
ولكم الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كنت أحرمت بعد مجاوزة الميقات، فعليك دم، ولا ينفعك الرجوع إلى الميقات -والحال هذه-؛ لأنك رجعت إليه بعد إحرامك، ولزوم الدم لك، وأما إن كنت أخرت الإحرام حتى رجعت إلى الميقات، ثم أحرمت منه: فلا دم عليك.

قال الخرقي في مختصره: ومن أراد الإحرام، فجاوز الميقات غير محرم، رجع فأحرم من الميقات، فإن أحرم من مكانه فعليه دم، وإن رجع محرما إلى الميقات. اهـ

قال ابن قدامة -رحمه الله- في شرحه: وجملة ذلك أن من جاوز الميقات مريدا للنسك غير محرم، فعليه أن يرجع إليه ليحرم منه، إن أمكنه، سواء تجاوزه عالما به أو جاهلا، علم تحريم ذلك، أو جهله، فإن رجع إليه، فأحرم منه، فلا شيء عليه، لا نعلم في ذلك خلافا، وبه يقول جابر بن زيد، والحسن، وسعيد بن جبير، والثوري، والشافعي، وغيرهم، لأنه أحرم من الميقات الذي أمر بالإحرام منه، فلم يلزمه شيء، كما لو لم يتجاوزه، وإن أحرم من دون الميقات، فعليه دم، سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع، وبهذا قال مالك، وابن المبارك، وظاهر مذهب الشافعي أنه إن رجع إلى الميقات، فلا شيء عليه، إلا أن يكون قد تلبس بشيء من أفعال الحج، كالوقوف، وطواف القدوم، فيستقر الدم عليه، لأنه حصل محرما في الميقات قبل التلبس بأفعال الحج، فلم يلزمه دم، كما لو أحرم منه، وعن أبي حنيفة: إن رجع إلى الميقات، فلبى، سقط عنه الدم، وإن لم يلب، لم يسقط، وعن عطاء، والحسن، والنخعي: لا شيء على من ترك الميقات، وعن سعيد بن جبير: لا حج لمن ترك الميقات، ولنا ما روى ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من ترك نسكا، فعليه دم ـ روي موقوفا ومرفوعا، ولأنه أحرم دون ميقاته، فاستقر عليه الدم، كما لو لم يرجع، أو كما لو طاف عند الشافعي، أو كما لو لم يلب عند أبي حنيفة، ولأنه ترك الإحرام من ميقاته، فلزمه الدم، كما ذكرنا، ولأن الدم وجب لتركه الإحرام من الميقات، ولا يزول هذا برجوعه، ولا بتلبيته، وفارق ما إذا رجع قبل إحرامه فأحرم منه، فإنه لم يترك الإحرام منه، ولم يهتكه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة