السؤال
رجل طلق زوجته طلقة واحدة وبعد شهر لم يراجعها أو يزورهم، مع العلم بأن لديه ستة أبناء منها أصغرهم لم يبلغ سن السابعة، حضر إلى البيت وحصلت مشادة بينهم فقال لها (أنت طالق طالق)، مع العلم بأنها حائض ولم تطهر ولم يعلم بذلك، فهل تعد بائنة بينونة كبرى، أم تعد طلقة واحدة فقط أجيبونا؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد خالف هذا الرجل السنة في كيفية الطلاق بل إنه قد ارتكب إثما كبيرا بتطليقه لزوجته وهي حائض إن كان على علم بذلك؛ لما في الصحيحين وغيرهما أن ابن عمر رضي الله عنهما طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء.
وزيادة على ما يرتكبه المطلق من الإثم فالطلاق لازم، كما ذهب إليه جمهور أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 8507.
وعلى هذا؛ فالواضح أن هذا الرجل بتطليقه لزوجته مرتين دفعة واحدة بعد الطلقة السابقة عليهما يكون قد طلق ثلاث مرات، وعليه فإن زوجته قد أصبحت حراما عليه حتى تنكح زوجا غيره، لقول الحق سبحانه وتعالى: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون [البقرة:230].
ومحل هذا إن قصد بقوله أنت طالق الثانية تأسيس الطلاق، أما إن لم يقصده بل نوى بها التأكيد فلا يعد طلق حقيقة إلا مرتين، وبذلك يمكنه ارتجاعها من غير عقد ولا صداق إن لم تخرج من العدة، كما يجوز له الزواج بها بعد خروجها من عدتها من غير الحاجة إلى محلل، قال ابن قدامة في المغني: إذا قال لامرأته المدخول بها أنت طالق مرتين ونوى بالثانية إيقاع طلقة ثانية وقعت بها طلقتان بلا خلاف وإن نوى بها إفهامها أن الأولى قد وقعت بها أو التأكيد لم تطلق إلا واحدة، وإن لم تكن له نية وقع طلقتان، وبه قال أبو حنيفة ومالك. انتهى.
والله أعلم.