السؤال
كانت أمي وأختي الصغيرة -التي تبلغ من العمر: 25 عاما- تعيشان في بلدة أمي، وهي منطقة عشوائية، فخشيت على أختي الصغيرة من صحبة السوء فيها، وهي منطقة تكثر بها البذاءة، وخوفا على أختي الصغيرة عرضت على أمي وأختي الصغيرة أن أقوم بتأثيث شقة لهما في بلدة أبي التي تربينا ونشأنا فيها، بشرط أن تقيما هناك، واشترطت عليهما إن كانتا تنويان العودة فيما بعد إلى القاهرة أن تبلغاني مقدما حتى لا أتكلف أموال التأثيث، ولا يتحقق الهدف -وهو إقامتهما في بلدة أبي- فقالتا لي إنهما ستقيمان هناك، فقمت بتأثيث هذه الشقة، وبعد فترة من الوقت لا تتعدى السنة قامت أختي الصغيرة بالعودة إلى القاهرة بغرض العمل الذي عارضته بشدة، وكانت أمي المغلوب على أمرها -لأنها لا تريد تركها بمفردها- قد رجعت معها إلى القاهرة، ونقلتا الأثاث من الشقة بغير علمي إلى القاهرة، والآن توفيت أمي منذ فترة -رحمها الله- فهل يعتبر هذا الأثاث تركة؟ أم هو ملك لي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم هنا يختلف بحسب ما نواه وقام به السائل بالفعل حين تأثيث المنزل، فإن كان أعطى الأثاث لوالدته على سبيل الهبة والتمليك، فهو لها، ولورثتها من بعدها، وإن كان أعطاه لها على سبيل العارية، أو إباحة المنفعة دون التمليك، فهو له، ولا يدخل في تركة والدته، والفرق بين التمليك والإباحة: أن التمليك يفيد التصرف في الشيء كما تفيده عقود المعاوضة، وأما الإباحة: فهي رفع الحرج عن تناول أو استعمال ما ليس مملوكا.
قال علي حيدر أفندي في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام: يوجد بين الإباحة والهبة ثلاثة فروق: فرق من حيث الماهية: فالهبة هي تمليك المال بلا عوض، وأما الإباحة: فهي إعطاء الإذن بأكل مال ... فرق أيضا من حيث الحكم؛ لأن في الهبة تزول ملكية الواهب من الموهوب بعد الإيجاب، والقبول، وحصول القبض، مع أنه في الإباحة لا تزول ملكية المبيح ما لم يأكله، ويتناوله المباح له. اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: ليس للمباح له التصرف فيه بغير الوجه الذي أبيح له. اهـ.
والله أعلم.