السؤال
لدينا ثلاثة محلات باسم أمي التي سبق وأوصت قبل وفاتها على أن يكتب لكل ولد أو بنت نصف محل، ونحن أربع بنات، وأنا وأخي المتوفى ولديه أولاد، مع العلم أنها قد سجلت لي ولأخي ولإحدى أخواتي نصف محل في حياتها، ولم يتسن لها أن تسجل الباقي للأخوات الثلاث.
السؤال: هل هذه الوصية جائزة شرعا؟ وهل علي إثم إن لم أتنازل عن ميراثي في المحل ونصف لصالح أخواتي الثلاث؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمكم قد أوصت بما أوصت به، معلقة نفاذ الوصية على موتها، كأن قالت: إن مت فلكل واحد منكم كذا وكذا من المحلات، فهذه وصية لوارث؛ ولا يخرجها عن كونها وصية أن سجلت بعض المحلات بأسماء بعضكم، والوصية لوارث غير جائزة؛ إلا أن يجيزها جميع الورثة.
جاء في شرح منتهى الإرادات للبهوتي: وتحرم الوصية ممن يرثه غير زوج أو غير زوجة، بزائد على الثلث، لأجنبي، ولوارث بشيء نصا، سواء كانت في صحته أو مرضه...
وأما تحريمها للوارث بشيء؛ فلحديث: إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الخمسة إلا النسائي، من حديث عمرو بن خارجة، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي.
(وتصح) هذه الوصية المحرمة (وتقف على إجازة الورثة) لحديث ابن عباس مرفوعا: لا تجوز وصية لوارث، إلا أن يشاء الورثة. وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: لا وصية لوارث إلا أن تجيز الورثة، رواهما الدار قطني. اهــ.
وأما إن كانت أمك قد وهبت لكم المحلات الثلاثة في حال صحتها، وخلت بينكم وبين تصرفكم فيها؛ فإن الهبة تثبت لكم جميعا على الوجه الذي وهبت عليه ولو لم تتمكن من تسجيلها، فإن القبض في العقار يحصل بالتخلية، ورفع اليد عنه من قبل مالكه الأول -وهي أمكم هنا-.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح: وفي صفة القبض عن الشافعي تفصيل: فما يتناول باليد -كالدراهم، والدنانير، والثوب-، فقبضه بالتناول. وما لا ينقل -كالعقار، والثمر على الشجر-، فقبضه بالتخلية. اهـ.
وأما إن كانت أمكم قد أمضت هبتها للذين سجلت نصيبهم من المحلات فقط، وخلت بينهم وبين ما وهبت لهم دون من لم تسجل نصيبهم، وحال الموت بينها وبين إمضاء هبتها لهم؛ فإن الهبة تمضي وتثبت لمن سجلت لهم دون غيرهم.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة... اهـ. وانظر الفتوى رقم: 138392.
وبناء على ما سبق، فإن كانت مسألتكم وصية، فلا تنفذ الوصية إلا إذا أجازها جميع الورثة، بشرط أن يكونوا بالغين راشدين.
وأما إن كانت هبة فتمضي فقط فيمن حازها، وهبة من لم يحزها تكون من الميراث، فتقسم على ما قسمه الله تعالى بين الورثة، وفي هذه الحال لا تأثم إن لم تتنازل عن حصتك من هذا الميراث لصالح أخواتك الثلاث، ولكن يستحب أن ترد أنت وأخوك وأختك ما وهبته لكم أمكم إلى التركة حتى يحصل العدل في العطية مع بقية الأخوات، وأوجب بعض الفقهاء رد مثل هذه الهبة، وهي رواية للحنابلة رجحها بعض المحققين، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى: 161261.
وينبغي رفع الأمر إلى القضاء للنظر في تفاصيل هذه المسألة.
والله أعلم.