لا تعارض بين محبة العلماء ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم

0 37

السؤال

في بداية طلبي للعلم بدأت بمذهب فقهي، وقرأت عن علماء المذهب، وزرع الله في قلبي حبا كبيرا للإمام -صاحب المذهب-، وأصبح قوله هو المعتبر عندي، وأتبع مذهبه في كل شيء، لأنني أثق في دينه، وعلمه، وورعه، ولكنني أخشى أن هذا الحب يطغى على حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصحابته، وأشعر أنني في خطر لو أحببت الإمام صاحب المذهب، وأصحابه أكثر من الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وأخشى أن لا أكون مؤمنا، لحبي الضعيف لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي نتصوره أن خوفك هذا نوع وسوسة، فإن كل مسلم يعظم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويحبه أكثر من كل أحد، وأنت إنما تعظم هذا الإمام، وتتبع قوله، لكونه مبالغا في تحري السنة، واتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فليس عملك بقوله إلا لكونك تعتقد أنه يدلك على ما كان هديا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو الواسطة بينك وبينه صلوات الله عليه، إذ أنت لعجزك عن استنباط الأحكام من سنته عملت بما أمرك الله به من تقليد العالم الثقة، وحب هذا العالم من الدين، وكذا حب سائر علماء الأمة.

لكن المسلم إنما يحب العلماء لكونهم متبعين للنبي -صلى الله عليه وسلم-، معظمين لهديه، فلا يعقل أن يكون حبه لهم بعد هذا أبلغ من حبه للنبي -صلى الله عليه وسلم-.

وعليك لتدفع عن نفسك هذا الشعور أن تبالغ في استحضار كمالاته -صلى الله عليه وسلم-، وما حباه الله من الخصال الشريفة، والأخلاق المنيفة، وأنه كان الأنموذج الأعلى للكمال البشري، فما من خصلة من خصال الخير يحب لأجلها إنسان إلا وكانت فيه على أتم وجه، وأكمله -صلوات الله عليه-، وأن تكثر من مطالعة خصائصه الشريفة، ومعرفة منزلته عند ربه تعالى، وأنه أقرب الخلق لديه وسيلة، وأعظمهم عنده جاها، فإن هذا مما يزيدك حبا له، ومعرفة بقدره العظيم، وأدمن قراءة سيرته، ومعرفة أخباره، ومطالعة سنته، وسماع أحاديثه الشريفة، فكل ذلك مما يزيدك حبا له، وتعظيما.

والزم الصلاة عليه بأبي هو -صلوات الله عليه-، واستحضر دائما عظيم منة الله علينا في أن بعث فينا رسوله -صلوات الله عليه-، وأننا لولا بعثته الشريفة لما خرجنا من الظلمات إلى النور، ولما تعلمنا الكتاب والحكمة، قال الله: لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين {آل عمران: 164}.

وفقك الله لما فيه الخير، ودفع عنك شر الوساوس، ورزقنا وإياك المحبة الصادقة لنبيه صلى الله عليه وسلم، ولأهل العلم، والصلاح من المسلمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة