السؤال
نذرت منذ ست سنوات لو أن الوالد قام بصحة وسلامة من نكسة خطيرة صحية وقع بها؛ فسأصوم الأيام البيض كل شهر مدى الحياة، والذي حصل أني شخص لا أحتمل الصيام، حتى في أثناء فترة دراستي كنت أدرس بعد أن أفطر، وحتى في رمضان حينما أذهب لعملي لا أعمل، وإنما أقضي الوقت في الحديث والنوم في المكتب.
أيضا أجد صعوبة في التركيز إذا تأخر الأكل عني أو شرب القهوة، وخاصة في الصباح. فهل أطعم عشرة مساكين عن كل شهر؟ أو هل أستطيع أن أكفر عن نذري بكفارة أخرى؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الإقدام على النذر المعلق مكروه، ففي الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النذر، قال: إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل.
وقد بينا حكمه في الفتوى: 106240.
وإذا حصل الأمر المعلق عليه، لزم الوفاء به قطعا من غير خلاف. ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: من نذر أن يطيع الله فليطعه. ولم يفرق بين النذر المعلق ولا غيره.
فيجب عليك الوفاء بالنذر الذي نذرته، ومجرد وجود المشقة المعتادة المحتملة في الصيام، لا يسقط وجوب الوفاء بالنذر، ولا يسوغ لك تغيير النذر.
وقد نص العلماء على أن من نذر صيام الدهر كله، فإنه يلزمه الوفاء بنذره، فكيف بصوم الأيام البيض فقط؟
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أن من نذر صيام الدهر، لزمه صيامه، ولم يدخل في نذره رمضان؛ لأن صيام أيامه لا يقع إلا للفريضة، كما لا يدخل في نذره أيام العيدين، والتشريق، فلا تصام عن نذره، ولا يقضي هذه الأيام؛ لأنها لا تقبل صوما. اهـ.
والمشقة التي تبيح الفطر هي المشقة غير المحتملة والزائدة عن المشقة المعتادة -والتي يباح بمثلها الفطر في رمضان-، كما سبق في الفتويين التاليتين: 318994، 128699.
فإذا بلغت مشقة الصيام بك هذا المبلغ في يوم من أيام صيام النذر جاز لك الفطر، وقد اختلف العلماء فيما يلزم من أفطر لعذر يرجى زواله في صيام النذر المعين، والراجح أنه يلزمه القضاء بلا كفارة.
وأما ترك الصيام جملة، والانتقال عنه إلى الكفارة، أو الإطعام؛ فلا يجوز، إلا في حال العجز الدائم عن الصيام وعن القضاء عجزا لا يرجى زواله، كما هو حال أصحاب المرض المزمن الذي لا يرجى برؤه، أو الشيخ الكبير ونحوهما، فحينئذ يجزئ عن النذر كفارة يمين على الراجح، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى: 24077.
والله أعلم.