الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الوصية وذلك التسجيل لا يلزم البنات ولا غيرهن من الورثة، ولكل واحد من الورثة أن يطالب بسهمه من الميراث والقسمة الشرعية له.
وإذا أوصى الوالد لأحد من أولاده، فوصيته باطلة، ولا يجوز تنفيذها إلا برضا بقية الورثة.
وهذا مما اتفق عليه الفقهاء، ولم يختلفوا فيه.
قال الإمام مالك في الموطأ: السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها. أنه لا تجوز وصية لوارث، إلا أن يجيز له ذلك ورثة الميت. اهـ.
وقال الإمام الشافعي في الأم: ما وصفت من أن الوصية للوارث منسوخة بآي المواريث، وأن لا وصية لوارث. مما لا أعرف فيه عن أحد ممن لقيت خلافا. اهـ.
وقال ابن حزم في مراتب الإجماع: اتفقوا أن الوصية لوارث لا تجوز، واختلفوا إذا أذن في ذلك سائر الورثة وأجازوه أيجوز أم لا. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: إذا وصى لوارثه بوصية، فلم يجزها سائر الورثة، لم تصح. بغير خلاف بين العلماء.
قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا.
وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فروى أبو أمامة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث". رواه أبو داود. وابن ماجه، والترمذي. اهـ.
وعلى ذلك، فالبنات وغيرهن من الورثة لهم أن يطالبوا بكامل نصيبهم في التركة.
ولا يجوز أن تنفذ وصية المتوفى التي تحول بينهن وبين حقهن في الميراث.
وإذا فعل ذلك أبناؤه الذكور فعليهم وعلى والدهم الذي وصى به، إثم ذلك، فإن الله -تعالى- هو الذي تولى بنفسه قسمة المواريث وبين أنصبتها في كتابه، ثم قال: تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين [النساء13، 14].
قال السعدي: أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها. اهـ.
وأما قسمة التركة فإذا انحصر الورثة في الزوجة والأولاد، فللزوجة الثمن فرضا؛ لوجود الفرع الوارث، قال تعالى: فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم [النساء: 12]، وبقية التركة للأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين [النساء: 11].
وهذه الأسهم تكون على المشاع في جميع التركة، حتى تقسم وتفرز الأنصبة.
وراجعي للمزيد من الفائدة، الفتاوى: 114454، 66593، 100328.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا، وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للقضاء، أو ما ينوب منابه للنظر والتحقيق فيها.
والله أعلم.