السؤال
أبي كان يأخذ كل مرتبي في فترة ما، بحجة الصرف على المنزل، وأنه كبير في السن، ولا يقدر على العمل -والحمد الله- ربنا وفقني بشغل بمرتب أعلى، وكنت أريد أن أجهز نفسي، أو أفتح مشروعا أعمل فيه، لو لا أن قدر الله حصول مشكلة في عملي، لكن والدي يرفض، ويريد أخذ المرتب كاملا، وإلا فسيسيئ معاملتي رغم أن سني: 21 عاما، وأنا أرضيه.
مع العلم أنه لا يريد أن يصرف على المنزل، وأي مال أعطيه له يصرف منه على والدته التي لديها معاش، وعلى أولاد آخرين.
فماذا أفعل من ناحية الدين، بحيث أرضي والدي، وأدخر بعض المال لمستقبلي؟ وهل يعتبر المال الذي يعطيه لوالدته وأخواته المقتدرات صدقة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك محتاجا للنفقة؛ فالواجب عليك أن تنفق عليه بالمعروف، ما دام عندك من المال ما تنفقه عليه زائدا عما تحتاجه لحاجاتك الأصلية، وانظر الفتوى: 20338
أما أخذه من مالك لغير حاجته؛ فلا حق له فيه عند جمهور العلماء، وذهب بعض أهل العلم إلى أن للوالد أن يأخذ من مال ولده، ولو لم يكن محتاجا، بشرط ألا يجحف بمال ولده، وألا يأخذه ليعطيه لولد آخر.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه، ومع عدمها، صغيرا كان الولد، أو كبيرا، بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن، ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر...
وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته.
وعليه؛ فلا يلزمك أن تعطي والدك راتبك كله، ولا يلزمك أن تخبره بقدر راتبك، أو ما عندك من مال، ولك أن تدخر منه ما تشاء لمؤنة زواجك، أو تعمل به في التجارة، وما بقي معك بعد ذلك فالأولى أن تصل منه والدك، ولو لم يكن محتاجا، أو كان سيعطيه لوالدته وإخوته، ويجوز لك احتساب ما تعطيه لجدتك، وأعمامك من صدقة التطوع، وإن كانوا غير محتاجين، وراجع الفتوى: 411748
وينبغي عليك استعمال الحكمة، والمداراة مع أبيك، حتى تجمع بين القيام بحقه، والحرص على استرضائه، وبين قيامك بحق نفسك في إعفافها بالزواج، وإصلاح مالك.
والله أعلم.