حكم دعاء الله بقول: يا ربنا، يا عظيمنا.

0 23

السؤال

هل يجوز دعاء الله -عز وجل- بقول: يا ربنا، يا عظيمنا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يخفى أنه يسوغ الدعاء بـ: يا عظيم؛ لأن العظيم اسم من أسماء الله تعالى، وقد قال تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها {الأعراف: 180}.

وقال سبحانه: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى {الإسراء: 110}.

وأما إضافته لضمير المتكلمين -عظيمنا؛ فلا نرى أنه يسوغ؛ لأن الإضافة قيدت العظمة، أو خصصتها بالمتكلمين، فضيقتها، وحقها التعميم، والإطلاق، فالله تعالى هو العظيم مطلقا، وليس للإضافة هنا معنى مفيد، بخلاف الإضافة في: ربنا - فهي تفيد تشريف الداعي، واختصاصه بالقرب من ربه، والاعتراف له بالعبودية، كما قال الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير: تعبيرهم في دعائهم بوصف ‌-ربنا- دون اسم الجلالة؛ لما في وصف الربوبية من الدلالة على الشفقة بالمربوب، ومحبة الخير له، ومن الاعتراف بأنهم عبيده، ولتتأتى ‌الإضافة المفيدة التشريف والقرب. اهـ.

وقال أبو السعود في إرشاد العقل السليم: في التعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التبليغ إلى الكمال، مع ‌الإضافة إلى ضميرهم، من ‌تشريفهم، وإظهار اللطف بهم ما لا يخفى. اهـ.

ويتضح الفرق بين الإضافة في: ربنا - وبينها في: عظيمنا- بإظهار المضمر، أو التصريح بالمتكلم، فتقول في يا ربنا: يا رب الناس، أو يا رب الداعين، مثلا، وهذا مقبول سائغ المعنى.

وتقول في -يا عظيمنا: يا عظيم الناس، أو يا عظيم الداعين، مثلا، وفي هذا إيهام وإشكال واضح. 

وإذا جعلنا هذا هو الضابط، ساغ أن نقول: يا خالقنا، يا مولانا، يا رازقنا، يا مالكنا- ونحو ذلك؛ لصحة معناه عند التصريح بالمتكلم، ولم يسغ أن نقول: يا عزيزنا، يا كريمنا، يا عليمنا- ونحو ذلك؛ لإيهامه، وإشكاله عند التصريح بالمتكلم. 

والأفضل على أية حال، هو التزام طريقة الأنبياء، وأدعية القرآن والسنة، ففيها الغنية والعصمة، وقد روى أبو نعيم في حلية الأولياء: عن ابن وهب قال: سئل مالك بن أنس عن الرجل يدعو يقول: ‌يا ‌سيدي؟ فقال: يعجبني أن يدعو بدعاء ‌الأنبياء؛ ‌ربنا، ‌ربنا. اهـ. 

وجاء في البيان والتحصيل لابن رشد: أن الإمام مالكا -رحمه الله- سئل عن الذي يقول في دعائه: ‌يا ‌سيدي، فكرهه، وقال: أحب إلي أن يدعو بما في القرآن، وبما دعت به الأنبياء: يا رب. اهـ. 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في التوسل والوسيلة: قد كره مالك، وابن أبي عمران من أصحاب أبي حنيفة، وغيرهما أن يقول الداعي: ‌يا ‌سيدي، ‌يا ‌سيدي، وقالوا: قل كما قالت ‌الأنبياء: رب، رب. اهـ. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة