السؤال
سمعت، وقرأت أن الذين يكثرون من تلاوة القرآن لا يصابون بمرض الشيخوخة، أي الخرف.
فهل على هذا الزعم أدلة صحيحة، ومعتبرة؟ وما هي إن وجدت؟ وإن صح ذلك، فكيف أسعى للإخلاص في تلاوتي للقرآن؟
فلا أتلوه؛ لغرض الحفاظ على صحة عقلي، لكن لإرضاء ربي.
أفتوني، وفقكم الله، وجزاكم خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تلاوة القرآن عبادة عظيمة الثواب، قد ثبت الترغيب فيها، كما ثبت في كثير من الأحاديث الصحيحة.
وقد ثبت في كثير من الآثار عن بعض السلف الصالح أن تلاوة القرآن سبب للسلامة من الخرف.
قال المنذري في كتابه الترغيب والترهيب: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر، وذلك قوله تعالى {ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا} قال: الذين قرؤوا القرآن. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد. اهـ.
وجاء في الدر المنثور للسيوطي: وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر، ثم قرأ. لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير {النحل: 70}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس قال: إن العالم لا يخرف.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الملك بن عمير قال: كان يقال: إن أبقى الناس عقولا قراء القرآن. اهـ.
وقال ابن أبي الدنيا في كتاب العمر والشيب: عن الشعبي قال: من قرأ القرآن لم يخرف. اهـ.
وفي أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي: وقد تواتر عند العامة، والخاصة، أن حافظ كتاب الله المداوم على تلاوته، لا يصاب بالخرف، ولا الهذيان. اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في الزواجر: ويؤيد قوله: - إن العالم لا يخرف - قول عكرمة في قوله تعالى: {ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} [النحل: 70] من قرأ القرآن: - أي بحقه - لا يصل لهذه الحالة، فالمراد بكون العالم لا يخرف، أنه لا يصل إلى خرف العوام من عود الكبير كالطفل في سائر أحواله، بل أقبح منه، فهذا هو الذي تصان عنه العلماء بالله. اهـ.
وقد ذكر الطبري في تفسيره عن قتادة في قوله تعالى: (يتلونه حق تلاوته) ، قال: أحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ، وعملوا بما فيه، ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: إن حق تلاوته : أن يحل حلاله ، ويحرم حرامه ، وأن يقرأه كما أنـزله الله عز وجل ، ولا يحرفه عن مواضعه. انتهى
وعلى كل فإذا قرأت القرآن مخلصا لله تعالى، ثم قصدت مع ذلك السلامة من الخرف، فهذا لا ينافي الإخلاص، ولا حرج عليك. وراجع المزيد في الفتوى: 129078.
والله أعلم.