السؤال
هل توجد آية في القرآن تشير إلى أن الإنسان قد كتب من قبل أن يولد أنه في الجنة، أو في النار؟
هل توجد آية في القرآن تشير إلى أن الإنسان قد كتب من قبل أن يولد أنه في الجنة، أو في النار؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاءت آيات في كتاب الله تشير إلى هذا المعنى الذي ذكره السائل، وهو أن الإنسان قد كتب مقعده من الجنة، أو مقعده من النار قبل أن يولد، ومن ذلك قوله تعالى: وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم {يونس: 2}.
فقد روى ابن جرير الطبري -رحمه الله- في تفسيره: عن ابن عباس، قوله: وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم {يونس: 2}. يقول: سبقت لهم السعادة في الذكر الأول. اهـ.
وكذلك قوله تعالى: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون {الأنبياء: 101}.
قال ابن القيم -رحمه الله- في شفاء العليل: والمقصود: ذكر الحسنى التي سبقت من الله لأهل السعادة قبل وجودهم. اهـ.
فهاتان الآيتان فيمن كتب مقعده من الجنة.
وقال تعالى -فيمن كتب مقعده من النار: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب {الأعراف: 37}.
قال ابن القيم -رحمه الله- في شفاء العليل: وقال تعالى: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب {الأعراف: 37}.
قال سعيد بن جبير، ومجاهد، وعطية: أي ما سبق لهم في الكتاب من الشقاوة، والسعادة، ثم قرأ عطية: فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة {هود: 30}.
والمعنى أن هؤلاء أدركهم ما كتب لهم من الشقاوة، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء، قال: يريد ما سبق عليهم في علمي في اللوح المحفوظ ـ فالكتاب على هذا القول الكتاب الأول، ونصيبهم ما كتب لهم فيه من الشقاوة، وأسبابها، وقال ابن زيد، والقرظي، والربيع بن أنس: ينالهم ما كتب لهم من الأرزاق، والأعمال، والأعمار، فإذا فني نصيبهم، واستكملوه جاءتهم رسلنا يتوفونهم....
والصحيح أن نصيبهم من الكتاب يتناول الأمرين، فهو نصيبهم من الشقاوة، ونصيبهم من الأعمال التي هي أسبابها، ونصيبهم من الأعمار التي هي مدة اكتسابها، ونصيبهم من الأرزاق التي استعانوا بها على ذلك، فعمت الآية هذا النصيب كله، وذكر هؤلاء بعضه، وهؤلاء بعضه، هذا على القول الصحيح، وأن المراد بالكتاب ما سبق لهم في أم الكتاب. اهـ.
وقد جاءت أحاديث صحيحة في هذا المعنى، منها ما جاء في حديث علي -رضي الله عنه-: قال - صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة، ومقعده من النار، قالوا: يا رسول الله: أفلا ندع العمل، ونتكل على الكتاب؟ فقال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له. رواه البخاري.
والله أعلم.