الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كل ما يقع في الكون من صغيرٍ أو كبيرٍ بقضاء الله تعالى وقدره

السؤال

هل كل حدث -صغيرًا أو كبيرًا- مقدّر، فلو تعثرت بحصاة صغيرة، أو وجدت فقيرًا أتصدق عليه، فهل كل هذا مكتوب في القدر؟ أم إن هذه الأشياء الصغيرة ليست مقدرة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فكل ما يقع في الكون من صغيرٍ أو كبيرٍ، حقيرٍ أو جليلٍ، مُشاهَدٍ أو غائبٍ عنا، كله لا يقع إلا بقضاء الله تعالى وقدره، عَلِمَهُ سبحانه وتعالى، وكتبه، وشاءه، وأوجده وخلقه، قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر: 49}.

وقد بين الله تعالى أن قدره جرى حتى في الأشياء الصغيرة والحقيرة التي لا يعبأ بها الناس، كالحبة تكون في الظلمات، والورقة تسقط من الأشجار، كلُّها مقدرٌة مكتوبةٌ، قال الله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ { الأنعام: 59}، قال البغوي: يعني: أن الكل مكتوب في اللوح المحفوظ. اهـ.

وقال تعالى: وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {النمل: 75}، وقال تعالى: عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {سبأ: 3}.

وفي صحيح الإمام مسلم عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ، حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ، أَوِ الْكَيْسِ وَالْعَجْزِ.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ومعناه أن كل شيء لا يقع في الوجود إلا وقد سبق به علم الله ومشيئته. انتهى.

فكن على يقين من هذا ـ أخي السائل ـ ولا تستثن شيئًا مما يقع في الكون من قضاء الله وقدره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني