والدتي أرملة منذ ٦ سنوات، تقدم للزواج منها ابن عمتها الذي يكبرها بحوالي أربع سنوات -كزوجة ثانية- بعد موافقة الزوجة الأولى، وعرضها هي عليه أمر الزواج الثاني بسبب عدم التوافق بينهما.
المشكلة هنا أن أم العريس -عمة أمي- تعتبر والدتها بالرضاعة، لكنها عندما أرضعتها كانت ترضعها مع ابن لها آخر غير من يريد الزواج بها.
والعريس يقول أيضا إنه لم يرضع رضاعة طبيعية بسبب مشاكل صحية ولد بها.
الأمر مشتبه علينا جميعا يا شيخ.
رغم أني لاحظت بوادر قبول من جهة أمي، رغم رفضها الزواج من غيره ممن تقدم لها.
وهو أيضا لم يتقدم لغيرها رغم كثرة الخلافات مع زوجته منذ سنوات عديدة، ورغم تصريحها له أكثر من مرة بالزواج الثاني.
الفيصل في الموضوع هو الدين والشرع.
أفتونا، أسأل الله أن يرضى عنكم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت أمك رضعت من عمتها؛ فقد صارت عمتها أما لها من الرضاع، وصار أولاد عمتها جميعا إخوة لها من الرضاع، فلا يحل لأمك الزواج من أحد أبناء عمتها؛ فالتحريم بالرضاع لا يختص بالولد الذي رضع معها، ولكن يشمل جميع أبناء المرضعة.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في الكافي: إذا ثاب للمرأة لبن على ولد، فأرضعت به طفلا دون الحولين، خمس رضعات متفرقات، صارت أمه. وهو ولدها في تحريم النكاح، وإباحة النظر، والخلوة، وثبوت المحرمية، وصارت أمهاتها جداته، وآباؤها أجداده، وأولادها إخوته. انتهى.

وقد اختلف أهل العلم في عدد الرضعات الذي يحصل به التحريم؛ والمفتى به عندنا أنه خمس رضعات متفرقات، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.

وذهب أبو حنيفة ومالك وكثير من أهل العلم إلى التحريم بالرضاع ولو مرة واحدة.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: المسألة الأولى: أن الذي يتعلق به التحريم خمس رضعات فصاعدا. هذا الصحيح في المذهب. وروي هذا عن عائشة، وابن مسعود، وابن الزبير، وعطاء، وطاوس. وهو قول الشافعي.

وعن أحمد رواية ثانية أن قليل الرضاع وكثيره يحرم. وروي ذلك عن علي، وابن عباس.

وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، ومكحول، والزهري، وقتادة، والحكم، وحماد، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والليث، وأصحاب الرأي. انتهى.

وعليه؛ فإن ثبت أن أمك رضعت من عمتها خمس رضعات؛ فلا يحل لها الزواج من ابن عمتها.

وإن كانت رضعت أقل من خمس رضعات؛ ففي جواز زواجها من ابن عمتها الخلاف المذكور. والأحوط بكل حال ألا تتزوج ابن عمتها التي رضعت منها.

والله أعلم.