0 383

السؤال

أريد تفسيرا للحديث الشريف: إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال الحافظ السيوطي في شرح هذا الحديث: إن هذا الدين يسر، سماه يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله، لأن الله تعالى رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم ومن أوضح الأمثلة له أن توبتهم كانت بقتل أنفسهم، وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم والندم، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه. قال ابن التين في هذا الحديث: علم من أعلام النبوة فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع، وليس المراد منه طلب الأكمل في العبادة، فإنه من الأمور المحمودة، بل منع من الإفراط المؤدي إلى الملال والمبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح. فسددوا أي الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط، وقاربوا: أي إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه، وأبشروا: أي بالثواب على العمل الدائم وإن قل، أو المراد تبشير من عجز عن العمل بالأكمل بأن العجز إذا لم يكن من صنعه لا يستلزم نقص أجره، وأبهم المبشر به تعظيما له وتفخيما. واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة: أي استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة، والغدوة بالفتح سير أول النهار، وقال الجوهري: ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس، والروحة بالفتح السير بعد الزوال، والدلجة بضم أوله وفتحه وإسكان اللام سير آخر الليل وقيل سير الليل كله، ولهذا عبر فيه بالتبعيض، ولأن عمل الليل أشق من عمل النهار، فهذه الأوقات أطيب أوقات المسافرة فكأنه صلى الله عليه وسلم خاطب مسافرا إلى مقصد فنبهه على أوقات نشاطه لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جمعا عجز وانقطع، وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنته المداومة من غير مشقة وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة.

والله أعلم.     

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات