السؤال
هل يستجيب الله دعاء أحد على بشر؟ وأحيانا أشعر أن الله استجاب لها.
أنا بنت عزباء. جاء أناس يطلبونني، وأنا عرفت أن هذا الشاب كبير، عمره 29 سنة، وأنا كان عمري 18 سنة، وذكرت لأمي أن هذا الشاب كبير علي، وهي من حرقت قلبها. قالت لي -إن شاء الله- سيأتيك شاب صغير، ولا يجد عملا، وأنا متزوجة حاليا، وعندي ولدان، لكن زوجي كل يوم في عمل، وما يطول، يقعد نصف شهر، ويخلص. هل يستجيب الله دعاء هذه المرأة، أم لا؟ مع العلم أنه كان مرتاحا قبل أن يأخذني.
وأنا دائما أحس بذنب كبير، وأنني أنا سبب هذا الوضع. وهو شخص مثالي. ذات مرة كلمته عن الوضع، لكن قال لي: الرزق على الله.
أعطوني حلا، أكمل، أو أتطلق؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدعاء على الولد؛ منهي عنه شرعا، ففي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- :...لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم.
وكون دعاء أمك عليك قد استجيب، أو لم يستجب! فهذا علمه عند الله تعالى.
والمرجو من كرم الله -تعالى- ألا يستجيب دعاء الوالد على ولده ساعة الغضب، كما قال تعالى: ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا {الإسراء:11}، وقال: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم {يونس:11}.
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن حلمه، ولطفه بعباده أنه لا يستجيب له إذا دعوا على أنفسهم، أو أموالهم، أو أولادهم في حال ضجرهم، وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد بالشر إلى إرادة ذلك؛ فلهذا لا يستجيب لهم -والحالة هذه- لطفا، ورحمة كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم، أو لأموالهم، أو لأولادهم بالخير، والبركة، والنماء؛ ولهذا قال: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم... الآية، أي لو استجاب لهم كلما دعوه به في ذلك لأهلكهم. ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك. انتهى.
وعلى أية حال؛ فلا يلزم أن يكون الذي يحصل لزوجك بسبب دعوة أمك؛ وتضييق الرزق، وسعته أمر يقدره الله -تعالى- لحكمة يعلمها، ولا يلزم أن يكون دليلا على رضا الله، أو سخطه على العبد، قال تعالى: فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن * كلا بل لا تكرمون اليتيم {الفجر: 15-17}.
قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: يقول تعالى منكرا على الإنسان في اعتقاده إذا وسع الله عليه في الرزق ليختبره في ذلك، فيعتقد أن ذلك من الله إكرام له، وليس كذلك، بل هو ابتلاء، وامتحان. كما قال تعالى: {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} [المؤمنون:55، 56] . وكذلك في الجانب الآخر إذا ابتلاه، وامتحنه، وضيق عليه في الرزق، يعتقد أن ذلك من الله إهانة له. قال الله: {كلا} أي: ليس الأمر كما زعم، لا في هذا، ولا في هذا، فإن الله يعطي المال من يحب، ومن لا يحب، ويضيق على من يحب، ومن لا يحب، وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين، إذا كان غنيا بأن يشكر الله على ذلك، وإذا كان فقيرا بأن يصبر. انتهى.
وعموما فإن العبد إذا شعر بعدم التوفيق في بعض الأمور، فعليه أن يتهم نفسه، ويراجع حاله مع الله، ويجدد التوبة إلى الله؛ ففي صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: … يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: المؤمن إذا أصابه في الدنيا بلاء، رجع إلى نفسه باللوم، ودعاه ذلك إلى الرجوع إلى الله بالتوبة، والاستغفار. انتهى.
فنصيحتنا لك أن تصبري على زوجك، وتعاشريه بالمعروف، وتحسني الظن بالله -تعالى-، وتتعاوني مع زوجك على طاعة الله، وكثرة الاستغفار مع التوكل على الله، وسوف يجعل الله لكم مخرجا، وييسر لكم الرزق الطيب، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه {الطلاق: 2ـ3}.
والله أعلم.