السؤال
أعمل في ميناء بحري كسائق لرافعة حمل الحاويات، علما أن مؤسسة الميناء تشتغل في كل أصناف السلع -المباحة، والمحرمة- إلا أن أغلبها من المباح، في حين يتوقف عملي على قيادة رافعة تنزل الحاويات من السفن إلى رصيف الميناء، وأنا لا أدري أصناف السلع المحملة، إلا أنني مع مرور الأيام، واكتساب الخبرة أظن أنني أستطيع أن أميز مستقبلا حاويات الخمر -والله أعلم- وأريد أن أستفتي عن وضعيتي الآن حال جهلي بما تحمله الحاوية، ومستقبلا إن صرت أميز أصناف السلع المحملة.
وبارك الله فيكم، وجزاكم عنا خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في أصل عمل السائل، ولا يلزمه أن يسأل ويتحرى عن محتوى الحاويات التي أغلبها مباح، ولكن إن علم بأن حاوية معينة تحمل خمرا، فلا يجوز له حملها، أو إنزالها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن حامل الخمر فقال: لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه. رواه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد.
قال ابن رسلان في شرح سنن أبي داود: وحاملها- بنفسه، أو بدوابه من: بغال، وحمير، وإبل... ويدخل في ذلك كل من أعان على محرم. اهـ.
وقال ابن أبي عمر المقدسي في الشرح الكبير: هذا نهي يقتضي التحريم -يعني قوله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان- وقد روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فقال: يا محمد، إن الله لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وشاربها، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها - وأشار إلى كل معاون عليها، ومساعد فيها. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر، والحامل، والساقي، إنما هم يعاونون على شربها. اهـ.
وقال ابن بطال شرح صحيح البخاري: كل من أعان مؤمنا على عمل بر، فللمعين عليه أجر مثل العامل... وإذا كان ذلك بحكم المعونة على أعمال البر فمثله المعونة على معاصي الله، وما يكرهه الله، للمعين عليها من الوزر، والإثم مثل ما لعاملها، ولذلك نهى الرسول عن بيع السيوف في الفتنة، ولعن عاصر الخمر، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وكذلك سائر أعمال الفجور. اهـ.
وانظر للفائدة الفتوى: 434935.
والله أعلم.