السؤال
هل يحق للأب أن يوصي أولاده بترك عدد من الفدادين بمقدار الثلث لا تباع، وتخرج من إيجارها صدقة له فقط؟ فبعض الأولاد وافق رغما عنه، خوفا من غضب الأب، والباقون اعترضوا، وحينها قال الأب إنه دعا على من لا ينفذ الوصية بالبرص والمرض. وبعدها تدهورت صحته، وأصيب بجلطة، وحاليا أصيب بالزهايمر. فما حكم وصيته لأولاده الذين وافقوا رغما عنهم، والذين لم يوافقوا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الرجل أن يوصي بمقدار من الأرض لا يزيد عن ثلث تركته، لكي تؤجر بعد وفاته، وينفق إيجارها صدقة عنه، فهذه وصية بوقف، وهي وصية جائزة ولازمة، وليس للورثة أن يعترضوا عليها لا في حياته، ولا بعد مماته، ولا يجوز لهم أن يمنعوا تنفيذها؛ لأن الوصية لغير وارث بما لا يزيد على الثلث ماضية شرعا، ولا تفتقر إلى إجازة الورثة.
قال الوزير ابن هبيرة في اختلاف العلماء: وأجمعوا على أن الوصية بالثلث لغير وارث جائزة، وأنها لا تفتقر إلى إجازة الورثة.. اهــ.
وقال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن الوصية لغير الوارث تلزم في الثلث من غير إجازة، وما زاد على الثلث يقف على إجازتهم، فإن أجازوه جاز، وإن ردوه بطل، في قول جميع العلماء، والأصل في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال فبالثلثين؟ قال: لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثيرـ وقوله - عليه السلام: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم. اهــ.
والخلاصة: أنه ليس للأولاد أن يعترضوا على وصية أبيهم بتلك الأرض، ما دامت وصيته لم تتعد ثلث تركته، ويجب تنفيذ تلك الوصية، ولا يبطلها كونه فقد الأهلية العقلية بعد أن أوصى، فالوصية باقية، وإذا مات وجب تنفيذها.
والله أعلم.