السؤال
هل يجوز رفض وظيفة براتب ثابت؛ لأنه في غير تخصصي، وسوف يشغلني عن اجتهادي في مجالي، في حين أني -دائما- أدعو الله أن ييسر لي عملا؛ لأني محتاجة للمال، أو سيكون هذا رفضا لنعمة الله؟ وهل هذا معناه أني لا آخذ بالأسباب؟
هل يجوز رفض وظيفة براتب ثابت؛ لأنه في غير تخصصي، وسوف يشغلني عن اجتهادي في مجالي، في حين أني -دائما- أدعو الله أن ييسر لي عملا؛ لأني محتاجة للمال، أو سيكون هذا رفضا لنعمة الله؟ وهل هذا معناه أني لا آخذ بالأسباب؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك رفض وظيفة لا تناسب تخصصك، ولا يكون ذلك رفضا لنعمة الله، أو تركا للأخذ بالأسباب؛ خصوصا إذا كان الغرض من هذا الرفض، هو البحث عن وظيفة أخرى تكون في مجالك الذي تتقنينه وتجتهدين فيه؛ فإن بحث المرء عن عمل يناسبه، أو في مجال تخصصه؛ ليتقنه؛ وينفع به المسلمين أمر مطلوب شرعا، وعقلا، وهو مما يحمد عليه، وبحثه عن ذلك هو أخذ بالأسباب، وبذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا، وكذا؟ ولكن قل: قدر الله، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم.
غير أننا نقول: إذا لزم من رفضك هذه الوظيفة، سؤال الناس ما تحتاجينه من مال، فلا شك أن قبولها في هذه الحال خير من سؤال الناس. ففي الصحيح عن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لأن يأخذ أحدكم أحبلا، فيأخذ حزمة من حطب، فيبيع، فيكف الله به وجهه، خير من أن يسأل الناس أعطي، أم منع. قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري في شرح حديث الزبير: وفيه: الحض على التعفف عن المسألة، والتنزه عنها، ولو امتهن المرء نفسه في طلب الرزق، وارتكب المشقة في ذلك، ولولا قبح المسألة في نظر الشرع، لم يفضل ذلك عليها؛ وذلك لما يدخل على السائل من ذل السؤال، ومن ذل الرد، إذا لم يعط، ولما يدخل على المسؤول من الضيق في ماله، إن أعطى كل سائل. انتهى.
فالذي نشير به عليك هو أن تسألي أهل النصح من أقربائك، وصديقاتك، وذوي المعرفة بحال بلدك، وأن تستخيري الله -تعالى- الاستخارة الشرعية.
والله أعلم.