حالات استحباب العفو عن الظالم والانتصار منه

0 23

السؤال

يستحسن للمرء أن يسامح، ويعفو عن من آذاه، إذا كان قادرا على أخذ حقه، وكان الذي أمامه ضعيفا، ليكون من الكاظمين الغيظ -إن شاء الله-.
ولكن ماذا لو كان الذي آذاه صاحب قوة وجاه؟ وهل هنا لا يجوز للمسلم أن يعفو؟ أرجو أن توضحوا لي متى يعفو المسلم؟ ومتى لا يعفو؟ وحالاتها، لأن هذا الأمر ملتبس علي؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن العفو مندوب إليه، ومرغب فيه شرعا، فهو خلق كريم يحبه الله، وهو سبيل لنيل عفو الله، ومغفرته، وطريق للعزة، والكرامة، قال تعالى: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم {النور:22}.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:.. وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا.

ويجوز العفو عن الظالم؛ سواء كان قويا متجبرا، أم كان ضعيفا، لكن لا يستحب العفو في الحال التي يترتب على العفو فيها فساد؛ كتمادي الظالم في ظلمه، أو تجرؤ غيره على الظلم بسبب غياب الردع.

قال المناوي -رحمه الله- في فيض القدير: وقد مدح الله المنتصرين من البغي، كما مدح العافين، فحمل الثاني على من ندر منه البغي، فيقال عثرته، والأول على ما إذا كان الداعي تجاوز جرأة وفجورا. انتهى.

وقال الخادمي -رحمه الله- في بريقة محمودية: لكن قد يكون العدل أفضل من العفو بعارض موجب لذلك، مثل كون العفو سببا لتكثير ظلمه، لتوهمه أن عدم الانتقام منه للعجز، وكون الانتصار سببا لتقليله، أو هدمه إذا كان الحق قصاصا مثلا، أو نحو ذلك من العوارض مثل كونه عبرة للغير. انتهى.

وجاء في تفسير السعدي -رحمه الله-: فمن عفا وأصلح فأجره على الله ـ يجزيه أجرا عظيما، وثوابا كثيرا، وشرط الله في العفو الإصلاح فيه، ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه، وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته، فإنه في هذه الحال لا يكون مأمورا به. انتهى.

وللفائدة راجع الفتاوى: 464410 455125 412204 305170

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة