الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتلك الكرات المرمي بها إن أنهرت الدم من الصيد بحدها فهي تذكية، وليس الصيد موقوذة حينئذ.
وأما إن كانت غير محددة، ولا تخترق جسم الصيد، وإنما تقتل بثقلها، فلا يحل صيدها، إلا إذا أدرك حيا وذكي.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: آلة الصيد نوعان: أداة جامدة، أو حيوان.
والأداة الجامدة: منها ما له حد يصلح للقطع كالسيف والسكين، ومنها ما ينطلق من آلة أخرى، وله رأس محدد يصلح للخزق، كالسهم، ومنها ما له رأس محدد لا ينطلق من آلة أخرى، كالحديدة المثبتة في رأس العصا، أو العصا التي بري رأسها حتى صار محددا يمكن القتل به طعنا، وهذه الأدوات ونحوها يجوز الاصطياد بها إذا قتلت الصيد بحدها، أو رأسها، وحصل الجرح بالمصيد بلا خلاف.
أما الآلات التي لا تصلح للقتل بحدها، ولا برأسها المحدد، وإنما تقتل بالثقل، كالحجر الذي لم يرقق، أو العمود، والعصا غير محددة الرأس، أو المعراض بعرضه، ونحوها، فلا يجوز بها الاصطياد، وإذا استعملت فلا بد في المرمي من التذكية، وإلا لا يحل أكله.
وكذلك جميع الآلات المحددة إذا استعملت، وأصابت بعرضها غير المحدد لا يحل المرمي بها إلا بالتذكية.
ويمكن أن تختصر شروط الآلة فيما يلي:
الشرط الأول: أن تكون الآلة محددة، تجرح، وتؤثر في اللحم بالقطع، أو الخزق، وإلا لا يحل بغير الذبح، ولا يشترط فيها أن تكون من الحديد، فيصح الاصطياد بكل آلة حادة، سواء أكانت حديدة، أم خشبة حادة، أم حجارة.
الشرط الثاني: أن تصيب الصيد بحدها فتجرحه، ويتيقن كون الموت بالجرح، وإلا لا يحل أكله؛ لأن ما يقتل بعرض الآلة أو بثقله يعتبر موقوذة. اهـ.
والصيد بما يقتل بثقله لا بحده مكروه وليس بمحرم؛ لأن الصائد قد يدرك الصيد حيا فيذكيه، وقد ينتفع به في غير الأكل.
جاء في الصحيحين عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مغفل، أنه رأى رجلا يخذف فقال له: لا تخذف؛ فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الخذف -أو كان يكره الخذف- وقال: إنه لا يصاد به صيد، ولا ينكى به عدو، ولكنها قد تكسر السن وتفقأ العين.
وترجم عليه البخاري: باب الخذف والبندقة.
جاء في فتح الباري لابن حجر: البندقة معروفة تتخذ من طين وتيبس فيرمى بها...
قوله (يخذف) قال ابن فارس: خذفت الحصاة رميتها بين أصبعيك، وقال ابن سيده: المخذفة التي يوضع فيها الحجر ويرمى بها الطير، ويطلق على المقلاع أيضا، قاله في الصحاح...
وفيه منع الرمي بالبندقة؛ لأنه إذا نفى الشارع أنه لا يصيد، فلا معنى للرمي به، بل فيه تعريض للحيوان بالتلف لغير مالكه، وقد ورد النهي عن ذلك، نعم قد يدرك ذكاة ما رمي بالبندقة فيحل أكله. ومن ثم اختلف في جوازه، فصرح مجلي في الذخائر بمنعه، وبه أفتى ابن عبد السلام، وجزم النووي بحله؛ لأنه طريق إلى الاصطياد.
والتحقيق التفصيل: فإن كان الأغلب من حال الرمي ما ذكر في الحديث امتنع، وإن كان عكسه جاز ولا سيما إن كان المرمي مما لا يصل إليه الرمي إلا بذلك، ثم لا يقتله غالبا. اهـ.
وجاء في الفروع لابن مفلح: وذكر جماعة: يكره بمثقل كبندق، وكذا كره شيخنا -ابن تيمية- الرمي بالبندق مطلقا؛ لنهي عثمان، ونقل ابن منصور وغيره: لا بأس ببيع البندق يرمى بها الصيد لا للعبث، وأطلق ابن هبيرة أنه معصية. اهـ.
وأما بيع النبل: فالأصل فيه الجواز، إلا لو فرض أن البائع علم أن غرض المشتري به أمر محرم -كرمي معصوم مثلا- فحينئذ يحرم البيع؛ لئلا يعينه على المعصية.
واجع للفائدة الفتوى: 456610.
والله أعلم.