السؤال
كنت قد دخلت المستشفى للعلاج، ولم أكن أملك المال؛ فطلبت من أختي القائمة على أموال أمي المصابة بالزهايمر أن تدفع فلوس العلاج من مال أمي. وبعد ذلك بفترة قامت الشركة التي أعمل فيها بدفع ما دفعناه للعلاج. فهل علي أن أرد الأموال لأمي؟
كنت قد دخلت المستشفى للعلاج، ولم أكن أملك المال؛ فطلبت من أختي القائمة على أموال أمي المصابة بالزهايمر أن تدفع فلوس العلاج من مال أمي. وبعد ذلك بفترة قامت الشركة التي أعمل فيها بدفع ما دفعناه للعلاج. فهل علي أن أرد الأموال لأمي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت جهة العمل التي تعمل لديها ملزمة بعلاجك ونفقاته؛ فكان عليك أن تقترض ريثما تدفع إليك الشركة هذه النفقات، ولم يكن يجوز لأختك أن تقرضك من مال أمك؛ لأن المتصرف في مال المحجور عليه ليس له أن يقرض منه لغير مصلحة المحجور عليه، بل كنت تقترض من إخوتك أو غيرهم ريثما تحصل تلك التكاليف من الشركة.
وإذ قد حصل ما حصل، فلا بد من إعادة المال لأمك، إن كان الفرض كما ذكرنا.
وأما إن لم تكن شركتك ملزمة بنفقات علاجك، وإنما دفعت ما دفعت على جهة التطوع؛ فاعلم أن العلماء اختلفوا هل تجب النفقة على الأم إذا لم يكن أب، أو أعسر الأب بالنفقة، كما اختلفوا هل تجب النفقة للولد البالغ في مال والده -إن كان عاجزا عن الكسب-.
قال ابن قدامة: إن أعسر الأب وجبت النفقة على الأم، ولم ترجع بها عليه إن أيسر، وقال أبو يوسف ومحمد: ترجع عليه. ولنا أن من وجب عليه الإنفاق بالقرابة لم يرجع به كالأب. انتهى.
وقال البهوتي في شرح الإقناع: (وتجب نفقة من لا حرفة له ولو كان صحيحا مكلفا، ولو) كان (من غير الوالدين) لقوله -صلى الله عليه وسلم- لهند: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ولم يستثن منهم بالغا ولا صحيحا، ولأنه فقير يستحق النفقة على قريبه أشبه الزمن، فإن كان له حرفة لم تجب نفقته، قال في المبدع: بغير خلاف؛ لأن الحرفة تعينه، ونفقة القريب لا تجب إلا مع الفقر، ولا بد أن تكون الحرفة يحصل بها غناه وإلا وجب الإكمال. انتهى.
وإذا علمت هذا، فإن كانت نفقتك واجبة على أمك بأن كنت عاجزا عن الكسب ولا مال لك، ولم يكن لك والد ينفق عليك؛ فما أخذته هو حق لك، فلا يجب عليك إرجاعه، ولو أيسرت بعد ذلك.
وأما إن أخذت مال أمك بغير حق بأن كان لك مال، أو كنت تقدر على الكسب، فلم تكن تلزمها نفقتك. فهذا دين في ذمتك عليك أن ترده لها، ولم يكن يجوز للمتصرفة في مالها أن تعطيك -والحال هذه-.
وراجع الفتوى: 418936.
والله أعلم.