السؤال
عندنا في مسجدنا وفي سائر المساجد في الجزيرة مشكلة كبيرة تطل برأسها في كل عام وتؤدي إلى الانقسامات والعداوات بين أبناء المسجد الواحد ذلك بأن أهل المسجد وعماره يريدون إمارة بالمسجد اتباعا للسنة وجماعة من أهل الأهواء وأصحاب الأموال يريدون انتخابات وتكتلات وقوائم وفصل للشيخ عن اللجنة ولا يريدون منه أي تدخل بل يريدونه موظفا ينفذ الأوامر فقط بل بلغ الأمر بأنهم يحاسبون الشيخ حتى إذا دعا إلى الله عن طريق الراديو أو التلفاز يقولون له لماذا لم تشاورنا في الذي تقوله مع أن الشيخ يدعو إلى الله منذ اثني عشر عاما ومعروف بالجزيرة كلها بدفاعه عن الإسلام ودعوة الناس إليه.فأفيدونا أفادكم الله هل من دستور إسلامي يحكم علاقات الناس في المسجد؟ وهل هناك فصل بين الدين والدولة نرضى بالشيخ إماما لأخرانا ولا نرضاه لدنيانا؟ وهل يستطيع المسلم أن يقبل بما يطرحه أهل الأهواء؟ وهل يأثم إذا دعمهم على سن هذه السنة الجديدة في المساجد؟ أفيدونا أفادكم الله وإن كان هناك دستور او نظام فأعيثونا لعل الله أن يصلح بكم هذا الخلل ويطفئ بكم الفتنة.وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يوجد دستور بالمعنى المعروف للكلمة يحكم علاقات الناس في المسجد، والمعروف أن وظيفة المسجد هي الصلاة وذكر الله والتلاوة ونشر العلم والدعوة إلى الله وسائر العبادات، فقد كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم هو مركز الدعوة وهو محل الشورى بين المسلمين، وهو منطلق الغزوات والسرايا، وهو محل تدبير كافة الأمور.
وأما أن يقيد الإمام ويكبت هذا الكبت فلا يسمح له بالدعوة إلى الله، فليس ذلك من الدين.
ووظائف المسجد جاءت منصوصة في السنة. روى الإمام مسلم من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن المساجد: إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن. قال في عون المعبود: بل بنيت لذكر الله والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها.
وفصل الدين عن الحياة كما هو معروف عند الأنظمة الغربية لا يمكن في الإسلام، لأنه وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو الدين الذي لا محاباة فيه، فالحاكم والمحكوم والغني والفقير والشريف والوضيع كل سواء في الحقوق والواجبات، ولا يتفاوتون إلا فيما بينهم من القرب والبعد من الله، وهو الدين الذي يرعى مصالح الخلق ويحافظ عليها، فليس فيه تشريع يعارض مصحلة راجحة، وهو الدين الذي يحض على العلم وعلى الدعوة إلى الله.
ثم الإمامة منصب شريف لا يليق أن تكون مجالا للأهواء والانتخابات والتكتلات، والذي يعين إمام المسجد هو السلطان أو نائبه، فإن لم يوجد فالذي يرضاه أهل البلد، قال في "فتوحات الوهاب": وتحصل في الجامع والمسجد الكبير أو الذي في الشارع بتولية الإمام أو نائبه فقط، لأنها من الأمور العظام، فاختصت بنظره، فإن فقد فمن رضيه أهل البلد...
ولا يجوز للمسلم أن يجاري أهل الأهواء فيما يقومون به مما لا يبيحه الشرع، ولا شك أن المعين لهم على ذلك آثم.
والله أعلم.