السؤال
أفطرت ثلاثة أيام من رمضان أحدها بالاستمناء والبقية بالتدخين، وأريد أن أكفر عن ذنبي بالقضاء وإطعام ستين مسكينا (للاحتياط)، فهل تقبل الكفارة إن كان مالي حراما؟ وهل الكفارة واجبة في هذه الحالة؟
أفطرت ثلاثة أيام من رمضان أحدها بالاستمناء والبقية بالتدخين، وأريد أن أكفر عن ذنبي بالقضاء وإطعام ستين مسكينا (للاحتياط)، فهل تقبل الكفارة إن كان مالي حراما؟ وهل الكفارة واجبة في هذه الحالة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمهور العلماء على أن من استمنى في نهار رمضان عامدا، أو تناول الدخان فقد أفطر، ووجب عليه التوبة إلى الله تعالى، وقضاء ذلك اليوم الذي أفطره.
وأما الكفارة مع القضاء فلا تجب في قول الجمهور في حق من أفطر في نهار رمضان بغير الجماع وهو ما نرجحه.
وأوجبها المالكية في المشهور من مذهبهم في حق من تعمد إفساد الصوم .
قال ابن عرفة: تجب الكفارة في إفساد صوم رمضان انتهاكا له بموجب الغسل، وطئا، وإنزالا، والإفطار بما يصل إلى الجوف، أو المعدة من الفم. اهـ.
وقال الشيخ عليش: سئلت (ما قولكم) فيمن شرب الدخان في نهار رمضان عامدا، فهل تلزمه الكفارة؟ فأجبت بما نصه: نعم تلزمه الكفارة إن وصل لجوفه. اهـ. وراجع في ذلك الفتويين التاليتين: 422464، 18199.
والكفارة عندهم: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، على التخيير بينها، والأفضل عندهم الإطعام.
جاء في الرسالة لابن أبي زيد القيرواني: إنما الكفارة على من أفطر متعمدا بأكل أو شرب أو جماع مع القضاء، والكفارة في ذلك إطعام ستين مسكينا، مدا لكل مسكين بمده صلى الله عليه وسلم؛ فذلك أحب إلينا، وله أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين. اهـ.
والراجح قول الجمهور كما سبق ذكره، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 13076، 18199، 263344.
فإن أحببت الأخذ بمشهور مذهب مالك في إخراج الكفارة مع القضاء، فاعلم أن إخراج الكفارة لا يجوز أن يكون من مال حرام يجب التخلص منه؛ كالفوائد الربوية، أو ثمن الخمر، أو نحو ذلك مما يعتبر مالا خبيثا، والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، والمال الحرام سبيله التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة، أو على الفقراء والمساكين على سبيل التخلص منه، لا على سبيل القربة والثواب. فكما أنك تريد أن تحتاط في قضاء ما عليك -وهذا شيء حسن- فيجب عليك من باب أولى الابتعاد عن المال الحرام، والتخلص منه إن كنت قد أصبت شيئا منه؛ لا أن تخرج منه الكفارات.
وننبه إلى أن تعمد الفطر في نهار رمضان من غير عذر شرعي يعد من الكبائر؛ لما فيه من انتهاك حرمة الشهر والتعدي على حرمات الله، وفي البخاري عن أبي هريرة رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: من أفطر يوما من رمضان، من غير عذر ولا مرض، لم يقضه صيام الدهر وإن صامه.
ومعنى الحديث أن صيام الدهر لا يعوض عليه ما فاته من الأجر والفضيلة.
فعليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى بالندم، والعزم الصادق على عدم الإفطار مستقبلا بغير عذر شرعي.
وننصحك بالإقلاع عن تعاطي التدخين، فإنه مع كونه مفسدا للصوم فإنه محرم شرعا؛ لاشتماله على أضرار كثيرة، ومفاسد عظيمة، كما سبق بيانه في الفتويين التاليتين: 1819، 1671.
وعليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى من الاستمناء؛ فإنه محرم شرعا في رمضان وفي غيره، كما سبق بيانه في الفتويين التاليتين: 424315، 7170.
والله أعلم.