السؤال
هل هناك تعارض بين الحديث الذي رواه ابن مسعود: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا... والحديث الذي رواه عبد الله بن عمر: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن... وجزاكم الله خيرا
هل هناك تعارض بين الحديث الذي رواه ابن مسعود: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا... والحديث الذي رواه عبد الله بن عمر: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن... وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديثين لم يتعارضا في ذكر (المال)؛ بل اتفقا عليه في روايات الصحيحين، وإنما اختلفا فيما يتعلق بالحكمة والقرآن، ففي حديث ابن مسعود: آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بها ويعلمها. وفي حديث ابن عمر: رجل آتاه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل، وآناء النهار. ولا تعارض بين هذا، فإن الحكمة فسرت بالقرآن وبالعلم والفقه.
ولا شك أن القرآن هو أصل العلم والفقه في الدين، وقد أنزله الله ليعلم ويحكم.
فقد قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 83): قال مالك: الحكمة في هذا كله طاعة الله والاتباع لها، والفقه في دين الله والعمل به. وقال ابن وهب: وسمعت مالكا مرة أخرى يقول: الذي يقع في قلبي أن الحكمة هي الفقه في دين الله ... وقال ابن وهب: وسمعته يقول: الحكمة والعلم نور يهدي به الله من يشاء، وليس بكثرة المسائل. اهـ.
وقال ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح (3/ 362): والحكمة المراد بها القرآن -والله أعلم- كما جاء في حديث أبي هريرة السالف: لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه. اهـ.
وجاء في فتح الباري لابن حجر (13/ 120): المراد بالحكمة القرآن كما في حديث ابن عمر، أو أعم من ذلك، وضابطها: ما منع الجهل وزجر عن القبح ... اهـ.
وقال الشيخ محمد الخضر في كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (3/ 194): واللام في الحكمة للعهد، لأن المراد بها القرآن، كما في حديث ابن عمر: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار. والمراد بالقيام به العمل به مطلقا، أعم من تلاوته، داخل الصلاة أو خارجها، ومن تعليمه، والحكم والفتوى بمقتضاه، فلا تخالف بين لفظي الحديث. اهـ
والله أعلم.