السؤال
سمعت قولا من أحد العامة يدعي أنه حديث، فأرجو بيان ذلك، وهل هو حديث؟
وهل يجوز الأخذ به: "لا يؤمكم إلا رجل صحيح البنية"؟
وهل يصلح الضرير للإمامة؟
مع أنه في بعض الأحيان يكون هذا الضرير أقرأ من في المسجد لكتاب الله. وجزاكم الله خيرا.
سمعت قولا من أحد العامة يدعي أنه حديث، فأرجو بيان ذلك، وهل هو حديث؟
وهل يجوز الأخذ به: "لا يؤمكم إلا رجل صحيح البنية"؟
وهل يصلح الضرير للإمامة؟
مع أنه في بعض الأحيان يكون هذا الضرير أقرأ من في المسجد لكتاب الله. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم نقف فيما اطلعنا عليه من دواوين السنة وكتب العلم على هذا الأثر.
ولا وجه لمنع الأعمى من إمامة المصلين، إذا كان أقرأ الحاضرين، وأعلمهم بفقه الصلاة.
فقد اتفق الفقهاء على صحة إمامة الأعمى.
قال ابن المنذر في الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف: إمامة الأعمى، كإمامة البصير، لا فرق بينهما، وهما داخلان في ظاهر قول النبي -صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فأيهم كان أقرأ كان أحق بالإمامة.
وقد روينا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه حديثا عن عائشة،" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استخلف ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بالناس" وإباحة إمامة الأعمى، كالإجماع من أهل العلم، وقد روينا عن ابن عباس أنه أمهم وهو أعمى. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: وأما الأعمى فلا نعلم في صحة إمامته خلافا، إلا ما حكي عن أنس، أنه قال: ما حاجتهم إليه، وعن ابن عباس، أنه قال: كيف أؤمهم وهم يعدلونني إلى القبلة؟ والصحيح عن ابن عباس أنه كان يؤم وهو أعمى، وعتبان بن مالك، وقتادة، وجابر.
وقال أنس: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى، وعن الشعبي، أنه قال: غزا النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث عشرة غزوة، كل ذلك يقدم ابن أم مكتوم يصلي بالناس؛ ولأن العمى فقد حاسة لا يخل بشيء من أفعال الصلاة ولا بشروطها، فأشبه فقد الشم. اهـ .
وإنما وقع الخلاف بين العلماء فيمن هو أولى بالإمامة، إذا استويا في الفضل.
فمذهب الشافعية أنهما سواء لتعادل فضلهما، قال النووي في شرح صحيح مسلم: ومنها جواز إمامة الأعمى البصراء، ولا خلاف في جواز ذلك، لكن اختلفوا في الأفضل على ثلاثة مذاهب وهي ثلاثة أوجه لأصحابنا:
أحدها: إمامة الأعمى أفضل من إمامة البصير؛ لأن الأعمى أكمل خشوعا لعدم نظره إلى الملهيات.
والثاني: البصير أفضل؛ لأنه أكثر احترازا من النجاسات.
والثالث: هما سواء لتعادل فضيلتهما، وهذا الثالث هو الأصح عند أصحابنا وهو نص الشافعي. انتهى.
وذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة إلى تقديم البصير على الأعمى، إذا استويا في الفضل.
قال الإمام الكاساني في بدائع الصنائع: والبصير أولى من الأعمى، إلا إذا كان في الفضل لا يوازيه في مسجده غيره فحينئذ يكون أولى. اهـ. بتصرف.
جاء في حاشية الدسوقي: وجاز بمرجوحية (اقتداء بأعمى) إذ إمامة البصير المساوي في الفضل للأعمى أفضل. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: البصير أولى وهو المذهب. انتهى.
والله أعلم.