تزوج أخو زوجي من امرأة مريضة بمرض معد (السل) منذ ستة أشهر، وبعد شهر من زواجهما، اكتشفنا أنها مريضة، وهو كان يعلم بذلك مسبقا، فاستشرنا الأطباء، وأخبرونا أن أخاه قد يكون مصابا بالمرض الآن، نتيجة لذلك. فانقطع الجميع عن التواصل معه باستثناء والد زوجي، الذي استمر في التواصل والتزاور معه.
الجميع الآن يبتعد عن والد زوجي خوفا على أنفسهم وأطفالهم، ويكتفون بالسؤال عنه عبر الهاتف، أما زوجي، فهو لا يقبل فكرة الابتعاد، ويأخذنا إلى بيت والده ويستقبله في منزلنا. فهل يجوز هذا التصرف؟ مع العلم أنني حاولت التحدث مع زوجي بخصوص هذا الأمر، لكنه لا يسمع لي.
بالإضافة إلى ذلك، عندما نزور بيت والد زوجي، يقدم لنا طعاما ويقول: إنه من الجيران، ثم اكتشفنا لاحقا أنه من زوجة ابنه (التي تعاني من المرض). فهل يجوز تناول هذا الطعام؟ وما حكم هذا التصرف؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المسلم مطالب شرعا بحماية نفسه مما يضر بصحته، فيتجنب أي مكان يمكن أن تحصل فيه العدوى من مرض معين. فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يوردن ممرض على مصح. متفق عليه، وهذا لفظ للبخاري في صحيحه.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأما حديث "لا يورد ممرض على مصح" فأرشد فيه إلى مجانبة ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله تعالى وقدره. اهـ.

أما ما يفعله زوجك من التزاور مع والده، والتواصل معه؛ فإنه غير محرم، بل لو فرضنا أن أخا زوجك، وزوجته ووالد الزوج كلهم مصابون بذلك المرض المعدي، فلا يحرم التواصل معهم، ولا تبادل الزيارات.

جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر: قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: الأمر بالفرار من الأسد ليس للوجوب، بل للشفقة، لأنه صلى الله عليه وسلم كان ينهى أمته عن كل ما فيه ضرر بأي وجه كان، ويدلهم على كل ما فيه خير، وقد أكل هو مع المجذوم، فلو كان الأمر بمجانبته على الوجوب لما فعله. اهـ.

وفي شرح النووي على صحيح مسلم: وعن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل مع المجذوم، وقال له: كل ثقة بالله، وتوكلا عليه. وقد ذهب عمر -رضي الله عنه- وغيره من السلف إلى الأكل معه، ورأوا أن الأمر باجتنابه منسوخ، والصحيح الذي قاله الأكثرون ويتعين المصير إليه: أنه لا نسخ، بل يجب الجمع بين الحديثين، وحمل الأمر باجتنابه والفرار منه على الاستحباب والاحتياط لا للوجوب، وأما الأكل معه؛ ففعله لبيان الجواز. انتهى باختصار.

والله أعلم.