السؤال
في بلدي، هناك من يقول: إن زواج أخوين من أختين يجلب الشؤم. وقد رأيت بالفعل العديد من هذه الحالات، حيث تزوج أخوان من أختين أعرفهما، ثم إمّا أن يموت أحد الأزواج، أو يُصاب بمرض شديد. فهل يُعتبر هذا من الطِّيَرة أم لا؟ خاصةً أن الشؤم قد يُوجد في المرأة، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم. وماذا يفعل من وقع في قلبه شيء من ذلك؟ حيث إني قد خطبت أخت زوجة أخي، والآن أفكر في فسخ الخطبة خوفًا من هذا الأمر، مع العلم أني قد استخرت الله، ولم يظهر لي شيء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم -أيها السائل- أن التشاؤم الذي ذكرته يعتبر من الطيرة التي ورد التحذير منها في الشرع الحنيف، لمنافاتها توكل العبد على الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها: الطيرة شرك.. الحديث. أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه: لا عدوى ولا طيرة.. الحديث.
فالمؤمن يوقن بقضاء الله وقدره، ويعلم أنه قد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولا ينبغي للمؤمن أن يصدّه تطيره وتشاؤمه عن حاجته، بل عليه الاعتماد على الله، والتوكل عليه.
ثم إن ما ذكرته فيما يتعلق بالموروث الثقافي من شؤم "زواج أخوين من أختين" ليس إلا مجرد اعتقادات باطلة لا دليل عليها من شرع، ولا من واقع، فكم عرفنا ممن تزوجوا هذه الزيجات، فلم يحصل لهم مثل ما ذكرت، فالأمر قد سبق به القلم، وكل شيء بقدر، وما دمت قد استخرت الله تعالى، فامض لما بدأت فيه من الخطوبة إذا شعرت أن تلك الخطيبة هي المرأة التي ترضى دينها وخلقها، ولا تلتفت لما وقع في قلبك من التشاؤم الذي لا يجوز اعتقاده، والعمل بمقتضاه.
وأمّا ما يتعلق بحديث: الشؤم في المرأة، والمقصود منه، فراجع الفتوى: 61432.
ونؤكد أنه ينبغي عليك أن تدفع هذا الشيء الذي وقع في قلبك من التشاؤم بتوكلك على الله تعالى، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي قال في الحديث الذي سبق تخريجه: الطيرة شرك، وما منَّا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل، فخاطر التطير والتشاؤم يعرض للمؤمن، ولكن ينبغي أن لا يستسلم له، بل يعتمد على ربه، ويتوكل عليه، ويعلم أن ما أخطأه -مما لم يقدر عليه- لم يكن ليصيبه، وأن ما أصابه، فهو بقدر الله، ولم يكن ليخطئه إلى غيره.
والله أعلم.