حكم من أقرض مبلغا من المال واشتراط رده بما يعادل قيمته من الذهب

0 3

السؤال

ما حكم أخذ مبلغ 5000 درهم من شخص ورده 10000 درهم بعد مرور شهرين؟
وما حكم إعطاء شخص مبلغا من المال يعادل قيمته 5 جرامات من الذهب، وهو ما يعادل 5000 درهم (على سبيل المثال)، مع اشتراط رد المال بعد شهرين بما يعادل نفس قيمة الذهب حينها؟ وعند موعد السداد، تبين أن قيمة 5 جرامات من الذهب أصبحت 10000 درهم، وتم رد هذا المبلغ، مع العلم أن القيمة تعادل نفس مقدار الذهب (نفس الوزن، ونفس العيار، وكل شيء مطابق).
السؤال: ما هو حكم المعاملتين المذكورتين؟ وإذا كانت الأولى حراما والثانية حلالا، لكن نتيجتهما ومحصلتهما واحدة، وهي أنني أعطيت شخصا 5000 درهم وردها بعد شهرين 10000 درهم، فكيف تكون الأولى حراما والثانية حلالا؟
أما إذا كانت المعاملتان حراما، فكيف يمكنني إقراض شخص مالا، وعند موعد السداد يرد لي نفس القيمة (وليس العدد) التي أعطيته إياها أول مرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز أخذ مبلغ 5000 درهم من شخص، ورده 10000 درهم بعد مرور شهرين أو نحو ذلك، فهذا قرض ربوي محرم، لاشتراط الزيادة فيه.

قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى- في المغني: وكل قرض شرط فيه أن يزيده، فهو حرام، بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. انتهى.

وكذلك الحكم في إعطاء شخص مبلغا من المال، بما يعادل قيمة 5 جرامات من الذهب، وكانت القيمة (5000) درهم -مثلا- على أن يردها بعد شهرين بما يعادل نفس قيمة 5 جرامات من الذهب، وكانت قيمتها عند السداد 10000 درهم. فهذا قرض محرم أيضا كسابقه، ولا فرق بينهما؛ لأن الذمة هنا عمرت بالدراهم، لكنه شرط ربطها بقيمة الذهب، وهذا لا يجوز في القرض.

جاء في قرار مجمع الفقه في دورته المنعقدة ببروناي دار السلام بتاريخ 6/1993: الدين الحاصل بعملة معينة لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين، بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب، أو من عملة أخرى، على معنى أن يلتزم المدين بأداء الدين بالذهب، أو العملة الأخرى المتفق على الأداء بها. اهـ.

ولو أعطاه 5 غرامات من الذهب قرضا، فالذي في ذمته له 5 غرامات ذهب، ولكن لو اتفقا عند السداد لا قبله، على أن يعطيه قيمة تلك الغرامات بسعر يومها؛ فهذا لا حرج فيه، لأنه يعتبر مصارفة عما في الذمة، والقبض فيها متحقق.

جاء في قرار (مجمع الفقه الإسلامي) في دورته الثامنة:
أـ يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد -لا قبله- على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد، وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة الاتفاق يوم سداد أي قسط على أدائه كاملا، بعملة مغايرة، بسعر صرفها في ذلك اليوم، ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة. انتهى.

ثم إننا ننبهك على مسألة، وهي: أن المحصلة ولو كانت واحدة بين معاملتين؛ فهذا لا يلزم منه مشروعيتهما معا، بل قد تكون إحداهما مشروعة والأخرى ممنوعة، وخير ما يوضح هذا: حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر، فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا. رواه البخاري. فبيع الصاعين الرديئين بالدراهم، وشراء صاع جيد مشروع.

وأما دفع صاعين رديئين في صاع جيد، فهذا ربا، مع أن المحصلة واحدة. لكن للشارع في ذلك قصد، واعتبار، وحكمة، قد يدركها المرء، وقد تخفى عليه، والله تعالى رد على من قال: إنما البيع مثل الربا [البقرة: 275] رد عليه بقوله: وأحل الله البيع وحرم الربا [البقرة: 275].

وعلى كل؛ فإن من الحيل المشروعة لمن يخشى التضخم وانخفاض قيمة العملة: أن يقرض الناس بغير العملة المنهارة، بل يقرضهم ذهبا خالصا (وزنه معلوم)؛ فتنشغل ذمة المقترض بالذهب، أو يقرضهم بعملة لا يخشى انخفاضها غالبا، وهكذا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة